أخيرا أسدل الستار على واحدة من أغرب القضاية الجنائية في مصر يمكن في ال٢٠ سنة الأخيرة. ووجه الغرابة اللي في القضية مش جاي بس من تفاصيلها البشعة. ده كل الزخم اللي حواليها الحقيقة كان غريب.
بداية من كون طرفي الجريمة شاب وهو محمد عادل وشابة وهي نيرة أشرف المعروفة بفتاة جامعة المنصورة، الاتنين كانوا في عمر الزهور ومن المفروض إنهم بيبتدوا أولى خطواتهم في حياتهم الجديدة كبالغين. لكن للأسف تقاطعت طرقهم في تجربة اختلط فيها فيها الإعجاب بالمرض النفسي بالبراءة بالتوهم بسوء الظن.
مرورا بمكان الجريمة، ما اعتدناش أبدا على إن الأماكن العامة تكون مسرح جريمة، الجرائم كان يعتقد دائما إنها ترتكب في الأماكن المهجورة تحت ستار الظلام، ما بالك بجريمة ارتكبت في وسط النهار، تحت قرص الشمس المكتمل، على أبواب مؤسسة تعليمية زي الجامعة، ليها أسوار وعليها حراس ومليانة بعشرات الآلاف من البشر.
أما تفاصيل ارتكاب الجريمة نفسها ما كانتش أقل غرابة، البرود اللي تعامل بيه القاتل مع الضحية، إصراره على توجيه الطعنات ليها تاني وتالت وعاشر، ولما ده ماكانش كفاية عشان يروي ثورة الغضب اللي جواه، أصر لولا تدخل القدر في آخر لحظة على فصل رأسها عن جسدها!
كلها تفاصيل دامية ومرعبة وتقطع القلب على بنت صغيرة كان كل حلمها انها تعيش حياتها بطريقتها، وعن مجرم أبى أن يسمح لها بذلك!
لكن أغرب وأكأب وأسود وأكثر تفاصيل الجريمة دي إثارة للرعب ما تمتش على يد القاتل، وإنما على يد معجبينه!
فعلى الرغم من وضوح الجريمة ووضوح أركانها، على الرغم من كم الشهود الكبير، بل على الرغم من إن الجريمة اتصورت صوت وصورة وأصبحت تريند وكان في وقت ما نص البلد شايلين الفيديو بتاعها على موبايلاتهم، وجد الجاني، القاتل، المتلبس بجريمته، اللي وقف ماسك السكينة بتنقط من دم البنت ع الأرض وبيصرخ في الناس: الراجل فيكم يوقفني، وجد اللي يدافع عنه ويعمل له صفحات تعاطف ووقفات احتجاجية ويعملوله ختمة ويحاولوا يجمعوله فدية على اعتبار انه ضحية. فقط لأن البنت اللي قتلها كان عايشة بطريقة مختلفة أو لأن أحلامها مختلفة عن أحلام فانزاته ! أو فقط لأنها كانت جميلة وليها شخصية مختلفة كسرت قلبه وده يبدو انه أصبح في عصرنا الحالي، مبرر مشروع للقتل!
الآن وقد أسدل الستار على القضية بإعدام القاتل أخيرا في فجر أحد أيام الأسبوع ده، لسه مش قادرة أتجاوز درجة الرعب. من قلب الحقائق، وكراهية الاختلاف، ووقاحة التشفي، واستمراء الخوض في الأعراض، والشحن ضد المرأة والفتيات لمجرد اختلافهم أو عدم طواعيتهم للبقاء في القوالب اللي حددهالهم المجتمع، واختفاء أي قيمة موثوق في وجودها في الحياة، بالذات لما شوفت اللوحة المحطوطة فوق مثوى القاتل الأخير وهي بتحمل جملة: الشهيد محمد عادل!
حسبي الله ونعم الوكيل والله! حسبي الله و نعم الوكيل!