مؤخرا انتشرت على صفحات السوشيال ميديا فيديوهات لجلسات موسيقية لمجموعة من النساء التونسيات، بيتجمعوا سوا على أنغام أورج كهربائي ويغنوا أغاني طربية قديمة بمزيج من البهجة والسلطنة.
النساء دول كانوا مختلفات في السن فيهن الشباب وفيهن الناضجات، ومختلفات في شكل الملابس، محجبات وغير محجبات، لكن اللي بيجمعهم هو ما يبدو عليهن واضحا في كل الفيديوهات من استمتاع واضح بالجلسة والغناء والوجود ذاته. وطبعا مش من الغريب ولا الصادم إن فيديوهاتهن بيتم التعليق عليها بتعليقات مطعمة بالوجوه الغاضبة والحوقلة والاستغفار، والأمر ما يمنعش من بعض الشتائم والسباب، وكل ده بينال من السيدات المبهجات اللي كل اللي عملوه إنهن بيغنوا ويتفاعلوا مع الموسيقى، ما فيش واحدة فيهم حتى قامت اتحزمت مثلا ونزلت رقص. كل الغضب والامتعاض والاستنكار، من وجهة نظري، قد نال أولئك السيدات، فقط عشان شكلهن مستمتعات جدا بجلستهن، أو بمعنى أصح مستمتعات أكثر مما تسمح به العادات والتقاليد.
والعادات والتقاليد في منطقتنا البائسة تنص على إن الستات مش من المفروض انها تستمتع بوقتها على الإطلاق.
بنبدأ كلنا عادي، أولاد وبنات، بنلعب في البيت ، في الشارع، بنركب عجل، بننزل البحر، بنلعب أتاري، ثم فجأة بيبتدي البساط يتسحب من تحت رجلين البنات واحدة واحدة. أظن بالنسبة لي كانت البداية لما اتواجهت بالرفض التام وأنا باطلب ألعب كرة مع أخويا وأصدقائه ليلة العيد، والرد اللي اتقاللي يوميها إن الولاد يلعبوا كرة مع أباهاتهم والبنات يخبزوا الكحك مع الأمهات. إيه المقارنة دي أصلا؟ و إيه علاقة الكرة بالكحك؟
ثم بنكبر شوية و بنشوف في كل مكان إن كون الرجل بيستمتع بوقته ده شيء طبيعي ومنطقي، بينما نفس الأمر للستات بيثير علامات الاستفهام.
من أول ملاعب الكلية اللي ما فيش بنت بتهوب ناحيتهها، بينما الشباب بيلعبوا فيها بعد المحاضرات، فيه اعتقاد
راسخ إن ملعب يعني للشباب، لكن البنات تستمتع بيه إزاي؟
في المصايف بينزل الأبهات والأطفال يبلبطوا بينما الستات أصلا مش هيستمتعوا بالبلطة، هم مخلوقين يستمتعوا بعمايل ساندوتشات البسطرمة والبانية.
عشان كده يبدو ان المجتمع بيتخض و يتأزم و يتأذى جدا لو شاف ست بتبتمتع بوقتها، تستمتع بوقتها؟ يا للمصيبة!، تستمتع بوقتها يعني إيه؟
ده حتى الأكل بيبصولنا فيه حضرتك، يقولك ابعد عن الست الأكولة. يا عم ما احنا متسحملين كرشك وأصداغك أهيه، وبرضه متربيين إن الطريق إلى قلب الرجل معدته، ولازم ياكل ويستمتع وياخد أكبر مناب.
ده حتى أبسط الممارسات الممتعة زي مشاهدة التليفزيون، برضه مش بيهنوا عليها الستات، أتذكر إن بابا كل ما كان يعدي قدام ماما وهي قاعدة بتتفرج على مسلسل الساعة سبعة، عمره ما سابها في حالها، مرة: ما تقومي تعمليلنا كيكة، ومرة: ما تقومي تخرجيلي البدلة الشتوي وحشتني واحنا في شهر أغسطس، ومرة: أنا عارف إنهم خلصوا مدارس، بس ما تقومي برضه تذاكري للعيال!
الجبابرة بيمنعونا نستمتع بأقل القليل وبعدين يسمونا نكديات.
ومن مكاني هذا أوجه رسالتي للستات قبل الرجالة، وأقولها بصوت عالي ولا أخشى في الحق لومة لائم: من حقنا يا ستات أن نستمتع بأوقاتنا في أوقت و أي مكان و عن طريق أي نشاط يستمتع به الرجال، ولو خسئ الخاسئون.