في حياتي كنت دائما أحاول أن أنفي عن نفسي تهمة أنني امرأة سيئة، فعندما أمشي أحاول أن أمشي مطأطئة الرأس، صوتي لا يرتفع، أرتبك عند تخاطبي مع أي رجل، شديدة الخجل. ورغم كل محاولاتي تلك في إثبات أنني امرأة صالحة كانت أبسط حركة تعرضني لتهمة أنني أحاول أن أفتن الرجال. لو حاولت أن أسرع في مشيتي، لو صوت ضحكتي كان عاليا قليلا، كل هذا جعلني في حالة خوف دائم من أنني لست جيدة بما فيه الكفاية، وأن عليّ أن أدفع عني هذه التهمة طوال الوقت.
ثم مرت السنوات، ومررت بفترة من حياتي اضطررت فيها أن أُظهر قوتي، ورفضي لما يمليه عليّ مجتمعي. هذا كلفني الكثير جداً، تهديدات، وخوف، وشعور الرفض ظل ملاحقا لي طوال حياتي.
ثم سفري لعدة دول منها دول عربية لا يعرفون شيئا عن البلد الذي أتيت منه، وعليّ أن أتحمل الأحكام المسبقة (ربما هي ليست متعلمة بما فيه الكفاية، ربما شخصيتها منغلقة، ربما.. ربما.. إلخ)، ثم كالمعتاد أشعر بأنني متهمة، وعليّ أن أثبت أنني عكس كل ذلك، ثم أسمع هذه الجملة "ولكنك لستِ مثلهم!" معتقدين أن هذه الكلمة ستسعدني بأنني خرجت من دائرة الحكم، ولكن هذا لا يسعدني أبدا.
ثم أتيت لهذا البلد بحثاً عن الأمان، في أول الأيام كانت هناك معاناة جديدة تتعلق باللجوء، ثم الحصول أخيرا على رقم يجعلني إنسانة مثل البقية.
تلك الأيام مرت أخيرا، والمفترض أنني بدأت مرحلة الاستقرار، ولكن لا زال المشوار طويلاً، أشعر دائما أن هناك تهمة سابقة بأن اللاجئين ليسوا مندمجين، بأنهم يريدون أن يأخذوا من البلد، ولا يعطونها، وعليّ مرة أخرى أن أثبت العكس، أنا مندمجة، أنا أريد أن أعطي هذا البلد، ثم أسمع الجملة التي أكرهها كثيراً "ولكنك لستِ مثلهم".