في 20 شهر مارس – آذار عام 2017 أصدرت المحكمة العليا في ولاية أوتارخُند الهندية الواقعة في شمال البلاد حكما يقضي بمنح نهر الغانج صفة " الشخصية المعنوية" ويتيح بالتالي لهذا النهر ورافده الأساسي المسمى "يامُونا " باكتساب الحقوق ذاتها التي تُمنحُ الناسَ عادة. ومن ثم فإنه بالإمكان الدفاع عن حقوق النهر في الحفاظ على صحته ومعاقبة كل من يسيء إليه.
وقد ارتاحت منظمات الدفاع كثيرا لهذا الحكم. كما ارتاح له كثيرا الهندوس الذين يتعاملون مع نهر الغانج باعتباره نهرا مقدسا لديه روح. فهم يقصدونه كل يوم بعشرات الملايين ليطهروا أجسادهم بمياهه التي يتبركون بها لأنها قادرة حسب معتقداتهم على تحرير أرواح الموتى. ولكن المحكمة الهندية العليا سرعان ما نقضت هذا الحكم بحجة أن محكمة هندية محلية لا يمكن لها أن تتفرد بإصدار حكم على نهر الغانج الذي يشق كل البلاد.
وبصرف النظر عن هذه الانتكاسة القضائية التي مني بها نهر الغانج، فإن كثيرا من المدافعين عن البيئة كانوا يعولون إلى حد كبير على رئيس الوزراء الحالي نارندرا مودي لبلورة خطة طموحة تهدف إلى إنقاذ النهر من التلوث أو إلى الحد على الأقل من هذه الظاهرة.
وفعلا قرر رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي منذ وصوله إلى الحكم عام 2014 العمل على إطلاق خطة جديدة لمحاولة تخليص النهر من الشوائب التي علقت به وأصبحت تهدده بالاختناق لاسيما وأن تلويث النهر بشكل غير مسبوق بدأ منذ أكثر من قرن.
ويتمثل أحد مصادر تلويث مياه الغانج في إلقاء مياه الصرف الصحي فيه دون معالجتها كلها. بل إن التقارير الأخيرة حول الموضوع تؤكد أن مياه الصرف الصحي التي تخضع لعملية علاج قبل ضخها في مياه الغانج لا تتجاوز الثلث حتى الآن. وتفيد التقارير ذاتها أيضا أن معدل مياه الصرف الصحي غير المعالجة التي يُلقى بها في مياه نهر الغانج تقارب مليارا وثلاث مائة مليون لتر كل يوم في مدينة بيناريس إحدى المدن التي يشقها النهر.
ومن أهم مصادر تلويث النهر الأخرى أيضا المصانع الصغيرة التي تقام على حافتيه طوال رحلته وقبل أن يصب النهر في خليج البنغال. وأكثر هذه المصانع خطرا على بيئة النهر كلُّ المواد الكيميائية التي تُستخدم في صناعة الجلود بالطرق التقليدية والحديثة. وفي مدينة كامبور التي يشقها النهر، يوجد اليوم أكثر من أربع مائة مصنع من مصانع الدباغة التي ترمي في النهر نفاياتها الخطرة كل يوم على امتداد فصول السنة.
وهناك رأي متفش لدى عدد هام من الهنود يقول أصحابه بموجبه إن كل المبادرات السابقة لتطهير النهر الطاهر من هذه الشوائب فشلت فشلا ذريعا لعدة أسباب من أهمها البيروقراطية والفساد. وبرغم الجهود التي بذلتها حكومة رئيس الوزراء الهندي الحالي في للحد من تلوث مياه نهر الغانج، فإن البيروقراطية والفساد لايزالان عائقين يحولان دون إنقاذ النهر والمستفيدين منه ماديا وروحيا من الاختناق.