في هذه الحلقة من “مراسي”، تستضيف ميشا خليل الفنان التشكيلي النوبي فتحي حسن، الذي حمل معه عبء الشتات منذ طفولته بعد أن هُجّرت عائلته، ونثر بذور إبداعه في ذاكرة النوبة المفقودة بين ضفاف النيل وموجات الغربة. يعيش فتحي الآن في إدنبرة، اسكتلندا، بعد حياة فنية امتدت بين مصر وإيطاليا ودول أوروبا، مساهمًا في فن معاصر يتخطى الحدود ويطرح أسئلة عميقة عن اللغة، الذاكرة، الهوية والمكان.
عمل فتحي حسين يُمزج بين الحروف المنمّقة – خاصة الخط الكوفي المستوحى من اللغة العربية – مع نصوص مقصودة ليّس لها معنى حرفي واضح، بل تُستَخدَم كرمز للغة مفقودة، للصمت الذي خلفته النزوح، وللتاريخ الشفوي المُهدَر في كثير من الأحيان. من خلال لوحاته، رسوماته، التركيبات الفنية، وتجاوبه مع مادة القصاصات، الرموز والخطوط، يكشف كيف أن الفن لا يُعيد فقط الذكرى بل يعيد بناءها، ويمنح الحضور لأولئك الذين لم يُسجَّلوا في التاريخ الرسمي.
في هذه الحوار يناقش فتحي حسن كيف تحوَّلت معاناة الشتات إلى مادة إبداعية، كيف تتضافر الرموز واللهجات البصرية في أعماله، وكيف يستدعي الحنين إلى النوبة — من خلال اللون، الشكل، النص — ليس كحنين سلبيّ، بل كقوة تأكيد على الهوية والحرية.