تبدأ القصة في عالمٍ يعيش فيه أغلب الناس حياةً عادية، حيث يتبعون المنطق وينجحون "بشكلٍ متواضع". لكن هناك مسارٌ آخر، مسارٌ للمجازفين والمتهورين، الذين يختارون "القرارات الخاطئة" عن قصد. لنتخيل قصة "ديك فوسبيري"، بطل القفز العالي في أولمبياد المكسيك. اعتاد المنافسون على القفز بطريقة "الدحرجة الغربية"، ولكن ديك فكر "عكس" الجميع. انطلق بطريقة مغايرة تماماً، وبدل أن ينحني بصدره نحو العارضة، رفع ساقيه وقلب جسمه ليعبر بظهره أولاً. كانت هذه التقنية، التي سميت بـ"قفزة فوسبيري"، تبدو خاطئةً، لكنها حولت القلة إلى نجاح، وسمحت له بالقفز أعلى من أي شخص سبقه، وحقق رقماً قياسياً جديداً. لم تقتصر هذه الفلسفة على الرياضة. في عالم التصوير، يُظهر الكتاب كيف أن تصوير "زهرة ذابلة" بدلاً من الزهرة النضرة المثالية، يمكن أن يخلق صورةً "مذهلة" و"لا تُنسى". فبينما يرى البعض هذه الصورة "ميتة"، يرى آخرون فيها ما هو أكثر حياةً من نباتٍ حي. وكذلك قصة شركة كوداك التي اختار لها جورج إيستمان اسماً قصيراً لا معنى له "كوداك"، في زمن كان فيه الجميع يختارون أسماء عشوائية لمنتجاتهم. هذا الاسم كان قصيراً ولا يحتمل سوء الفهم، ولا يمكن أن يقترن بشيء آخر، وحتى اليوم لا تفكر الشركات بهذه الطريقة، ونجح المبادروون. الكتاب يدعونا إلى تبني اللامنطقية. فنحن نرى لافتةً مكتوبةً بطريقة "برايل" تقول "ممنوع اللمس". إنها مفارقة آسرة، ونموذج رائع على التفكير العكسي، لأن الطريقة الوحيدة لمعرفة محتواها هي بلمسها. ويُذكر الكتاب قصة "فيفيان ويستوود" و"مالكولم ماكلارين" اللذين تحديا الموضة بفتح متجر في منطقة غير مشهورة بلندن، وباعا ملابس عتيقة عمرها ثلاثون عاماً بدت مستحيلة الارتداء. كان قرارهما غريباً، لكنه أطلق حركة "الپانك" وأظهر أن الجرأة والمغامرة يمكن أن تؤديان إلى نجاح غير متوقع. السر يكمن في عدم الرضوخ لما يظنه الآخرون "صائباً". فعندما تقول "أتمنى" وتختار القرار الآمن الذي يتخذه معظم الناس، فإنك ستظل مثل البقية، وستبقى تتمنى لو كانت حياتك مختلفة. لكن عندما تقول "أريد" وتتخذ قراراتٍ قد تبدو "سيئةً" أو "غير متوقعة"، فإنك تدفع نفسك للتفكير بطرق لم تفكر بها من قبل، وتصل إلى أماكن لا يصلها الآخرون إلا في أحلامهم. الكتاب يؤكد أن الأفضل أن تندم على ما فعلت، من أن تندم على ما لم تفعل. إنه يشجع على التهور، ويقول إنه قبل سن الثلاثين، نحصل على أشياء مهمة تشكل بقية حياتنا. فـ"التهور والمجازفة لا يتماشيان مع التقدم في العمر، بل يجب أن تصبح المجازفة مسألة حاجة إلى تمعن". هناك قصة "إيريكا المتهورة". هي ليست موظفةً عادية، بل هي شخصية متمردة ومتحمسة، تقدم أفكاراً "مجنونة". وعلى الرغم من أن أفكارها قد تبدو غير عملية أو سخيفة، إلا أنها تستقطب اهتماماً كبيراً لأنها مختلفة وطازجة. هي تُصبح شخصاً محترماً لأنها تفكر بطريقة لا ينسى. الكتاب يذكر مثالاً لشابٍ قام بتنفيذ فكرةٍ جريئة للإعلان عن جدار برلين قبل سقوطه، ثم أسس شركته الخاصة التي أصبحت بارزة. إنه يؤكد أن عليك أن تهدف إلى النجوم. فإذا كان مستوى طموحك متواضعاً، حاول أن تصبو إلى أعلى. لا تتبع الكمال، بل "افعل، ثم أصلح". ابدأ بما تملك، وأصلحه وأنت تتقدم. لا تطلب الثناء، بل "اطلب صفعة على الوجه"، أي اطلب نقداً حقيقياً. الحقيقة قد تكون مؤلمة، لكنها على المدى الطويل أفضل بكثير لتنمية ذاتك. لكي تكون مثيراً للاهتمام، "اهتم". ولا تتردد في أن تطلق على نفسك لقب "الفنان"، فمن يرى أعمالك يقيمك حسبما تُقَيم أنت نفسك. وقصة "جينجر بيكر" الذي كان موظفاً عادياً في وكالة إعلانات، ولكنه أراد أن يصبح عازف طبول. عندما سأله مديره عما إذا كان يجيد العزف، أجاب: "لا أجيد، لكني سأفعل". وبعد بضع سنوات، أصبح عازفاً مشهوراً في فرقة "كريم". الكتاب يدعونا إلى امتلاك "وجهة نظر" خاصة بنا، وعدم التقليد الأعمى. فمعظم الناس "أناسٌ آخرون. أفكارهم... آراء غيرهم، حياتهم تقليد، شغفهم مقتبس". أن تكون صاحب وجهة نظر أصيلة، هذا هو الإبداع. ما هي الفكرة الجيدة؟ إنها "الفكرة الجيدة إن نُقدت". وما هي الفكرة السيئة؟ هي مسألة ذوق، فقد تبدو لامعةً للبعض ومملةً للبعض الآخر. لكن "الفكرة البراقة هي الحل الذكي لمشكلة، ما لم يرد عليه من قبل". ويؤكد الكتاب أن فكرةً تبدو سيئةً في البداية، إذا نُفذت، قد تُصبح أفضل فكرة. لا تخف من "السرقة". اسرق من أي مصدر للوحي، من كل ما يوقد مخيلتك. "الأصالة لا تُقَدَّر بثمن، لا وجود لجديد". الكتاب أيضاً يشجع على عدم البقاء في وظيفة لا تحقق لك شيئاً. فإذا رفض الناس أفكارك، "استقل". حتى الطرد من العمل يمكن أن يكون "أفضل ما يمكن أن يحصل لك". إنها فرصة رائعة لتبدأ من جديد. بالنسبة للجامعة، يدعو الكتاب إلى التفكير ملياً. فإذا لم يكن قلبك مع تخصص معين، "اتجه إلى سوق العمل وتعلم في مدرسة الحياة". ويقدم مفهوماً جريئاً: "الفشل في الامتحان... كارثة؟ بل هو إنجاز". فكثيرون ممن أخفقوا في المدرسة، انطلقوا لتحقيق النجاح والثروة بفضل خيالاتهم. في النهاية، الرسالة الأساسية للكتاب هي أن العالم هو ما تفكر أنت فيه. إذا فكرت فيه بطريقة مختلفة، ستتغير حياتك. هذا ليس نهاية، بل هي بداية جديدة.