كانت الدكتورة جيل بولتي تايلور عالمة متخصصة في المخ البشري، تحديداً في علم التشريح العصبي. دفعها شغفها بهذا المجال جزئياً إلى فهم حالة أخيها المصاب بالفصام. كانت جيل تدرس وتُدرس برامج بحثية في المخ البشري للشباب المتخصصين في جامعة هارفارد. في صباح يوم 10 ديسمبر عام 1996، استيقظت جيل على صوت قوي في رأسها، ثم شعرت بألم في عينها اليسرى. أدركت أن شيئاً ما كان يحدث في دماغها. وبدأ ذراعها الأيمن يصاب بالشلل، وشعرت أن الحياة تغادر جسدها. في غضون أربع ساعات فقط، تدهورت قدراتها الإدراكية والعقلية بشكل كبير. لم تعد قادرة على المشي أو القراءة أو الكتابة أو الكلام. لقد كانت تعاني من نزيف حاد، ناتج عن انفجار مفاجئ لشريان في فصها الأيسر، وهو نوع نادر من السكتات الدماغية. كانت هذه الجلطة بالتحديد ناتجة عن تشوه شرياني وريدي (AVM)، حيث لا تستطيع الشرايين تحمل ضغط الدم العالي، مما يؤدي إلى تمزق ونزيف داخل المخ. مع تدهور قدراتها، دخلت جيل في تجربة وعي فريدة. فقدت الاتصال بالعالم الخارجي، وتلاشت الأصوات، وأصبحت أفكارها مشتتة. شعرت بانفصال عن قدرتها على توليد الحركة. وصفت حالتها بأنها "خاوية حتى العظم". كانت مدركة لما يحدث حولها ولكنها لم تستطع معالجته. بدلاً من ذلك، شعرت بإحساس عميق بالسلام والاتصال بالكون. رأت العالم ككتلة من الطاقة المتراقصة، وشعرت بالنعيم الخالص. كان هذا الشعور بالوحدة هو ما أضاء بصيرتها. بصعوبة بالغة، تمكنت جيل من طلب المساعدة. نقلت إلى مستشفى ماساتشوستس العام. في غرفة الطوارئ، شعرت بالإرهاق من الأضواء والأصوات العالية، ولم تستطع فهم من حولها، مما جعلها تشعر وكأنها "حيوان جريح" يحاول الهرب. قضت الأربع وعشرين ساعة الأولى في العناية الفائقة. أدركت أن الجلطة كانت في فصها الأيسر، مما أثر على قدرتها على الكلام والتواصل. بعد أقل من أسبوعين من الجلطة، في 27 ديسمبر 1996، خضعت لعملية جراحية في رأسها لإزالة الورم. بعد الاستيقاظ من التخدير، شعرت ببهجة وإشراق في روحها. شعرت وكأنها عادت إلى طفولتها. كان عليها أن تتعلم كل شيء من الصفر، خطوة بخطوة، تماماً كما يتعلم الطفل. كان الشفاء عملية طويلة وشاقة، تضمنت إعادة بناء عقلها ووعيها الجسدي. لقد تعلمت كيف تستعيد قدرتها على الكلام وفهم العالم. من خلال هذه التجربة، اكتسبت الدكتورة جيل بصيرة عميقة حول عمل الدماغ البشري. أدركت أن نصفي الدماغ، الأيمن والأيسر، يعملان بطرق متباينة ويكملان بعضهما البعض. بينما يركز الفص الأيسر على التفكير المنطقي واللغة والتفاصيل، فإن الفص الأيمن يدرك العالم ككل، ويعيش في اللحظة الحالية، ويهتم بالمشاعر والاتصال بالآخرين. بعد شفائها، أصبحت جيل قادرة على اختيار كيف تستجيب للمثيرات الحسية، بدلاً من ردود الفعل التلقائية. تعلمت أن تتحكم في غضبها وتتخلص من المشاعر السلبية. أصبح شفاء جيل بمثابة هدية عظيمة أنارت بصيرتها. فقد سمح لها باكتشاف قدرة هائلة على العيش باختيار من تكون. تؤمن جيل الآن أن السلام الداخلي هو شعور يمكننا الوصول إليه دائماً. يمكننا إعادة بناء عقولنا ووعينا، واختيار العيش في هذه "الجنة التي اكتشفتها" بدلاً من العودة إلى البرامج القديمة. رحلتها الشخصية هذه، كعالمة في المخ، وثقت سقوطها في هاوية ثم عودتها.