تستضيف ميشا خليل في برنامج "مراسي" محمود نبيل أحمد، مخرج الفيلم الفلسطيني "غزة التي تطل على البحر"، الذي تمّ عرضه أخيرا ضمن فعاليات مهرجان الفيلم العربي برلين خلال دورته السادسة عشرة.
بمنهج فريد وحساس، يغوص الفيلم في مفهوم الذكورة وهشاشتها تحت وطأة الحصار، عبر تتبّع حيوات أربعة رجال، لكلٍ منهم طريقته في مواجهة القلق الوجودي والبحث عن معنى وسط الظروف القاسية. لكن السرد لا يقتصر على المعاناة؛ بل يتحوّل إلى احتفال بالحياة، حيث يجد أبطال الفيلم الأمل في تفاصيل صغيرة: في نغمات الموسيقى، في أمواج البحر، في العلاقات الإنسانية والروابط مع الحيوانات. هكذا يصبح الفيلم مرآةً لعزيمة لا تنكسر، حتى عندما يكون الدمار على الأبواب.
محمود، ابن غزة الذي شقّ طريقه في السينما بدأبٍ صامت، بدأ مسيرته في المعهد العالي للفنون المتعددة الإعلام بمنوبة (ISAMM) في تونس، حيث تخصّص في الإخراج وكتابة السيناريو، ثمّ أكمل الماجستير في مونتاج الأفلام بالمدرسة العليا للسمعي البصري والسينما بقمرت (ESAC). في تونس، نما كفنانٍ ومُخرج، منصتًا لصوت قصته الداخليّة، ليُنتج أعمالًا قصيرة لافتة مثل "الحرب داخلنا" – الذي نال تقديرًا في برنامج "سيني باركور" بالتعاون بين المركز الوطني للسينما في تونس ومعهد جوته – و"عود ثقاب"، الذي مثّل ذروة مشواره الأكاديمي.
اليوم، يعود محمود نبيل أحمد إلى الأضواء بفيلمه الذي افتتح به مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024، ويُقدّمه الآن لجمهور برلين، ليس كصانع أفلام فقط، بل كشاهدٍ على زمنٍ قد لا يعود، وكراوٍ يمسك بتفاصيل الحياة التي ترفض أن تموت في مكان يُختزل عالميًا كرمز للألم. "غزة التي تطل على البحر" الذي وُلد من ورشة عمل لصانعي الأفلام في غزة ليس مجرد فيلم، بل هو رسالة من تحت الأنقاض، تُذكّر العالم بأنّ هناك دائمًا إنسانًا خلف الصورة النمطية، وحكايةً تنتظر من يرويها.