أصدر القضاء الفرنسي حكماً بحق زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان يحرمها من الأهلية السياسية لمدة خمس سنوات، ويعني ذلك غيابها عن الانتخابات الرئاسية للعام 2027. وسرعان ما زاد ذلك من تخبط المشهد السياسي الفرنسي مما سيترك آثاراً على تموضع كل القوى وخاصة في معسكر اليمين الواسع.
اعتقد العديد من المراقبين والسياسيين واليمينيين بالذات أن هناك تسييساً للحكم، خاصة أنه بدا قاسيًا مستنفداً حدوده القصوى لا سيما لجهة التنفيذ الفوري. والأدهى أن حظوظ الاستئناف تبدو معدومة لعدم وجود سوابق عودة عن الحكم في حالات مشابهة، ولأن المهل القضائية ستجعل من أي إعادة بت بالقضية متأخرة عن مواعيد الترشح للرئاسة بعد عامين.
في المقابل، يركز المدافعون عن الحكم القضائي إلى ان الأدلة في الملف حاسمة بخصوص اختلاس أموال عامة ارتكبتها لوبان مع عدد من مسؤولي حزبها.
وإذا كان من الصعب على النجم الصاعد لأقصى اليمين الشاب جوردان باريلا أن يكون البديل لقلة خبرته وصغر سنه، فهو يواجه احتمال التنافس مع ماريون مارشال حفيدة جان- ماري لوبان. ولذلك سيفيد إقصاء مارين احد اقطاب اليمين التقليدي القريب من اطروحات اليمين المتطرف. وفي الإجمال تبقى اللعبة مفتوحة ومن المبكر توقع سيناريو محدد.
يعتبر الكثيرون من أنصار مارين لوبان أنه جرى قطع الطريق وحرمانها من الوصول إلى سدة الرئاسة، واللافت أن موسكو وواشنطن توافقتا على التضامن مع لوبان. ووصل الأمر بالرئيس دونالد ترامب للتغريد قائلاً : "إنه أمر سيئ للغاية بالنسبة لفرنسا ولشعب فرنسا العظيم، إذ أن لوبان قبل تحقيقها نصرها الكبير، قاموا بملاحقتها بتهمة بسيطة أقرب إلى الخطأ الحسابي !!! "
وعلى ما يبدو أن أممية أقصى اليمين التي تجمع ترامب وأقصى اليمين الأوروبي وأندادهم، اعتبرت الضربة موجهة لها، ويذكرنا ذلك بالخطاب العاصف لنائب الرئيس الأمريكي الإيديولوجي جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ في فبراير الماضي، حينما انتقد ضمورَ الديموقراطية في أوروبا وما أسماه تراجع حرية التعبير، وحينها صب دي فانس جام غضبه على رومانيا بسبب إيقاف القضاء لانتخابات كانت تحمل في الصدارة مرشح يميني متطرف مقرب أيضاً من ترامب ومن بوتين.
هكذا يتشابك البعد السياسي الداخلي مع البعدين الأوروبي والعالمي في مقاربة إعادة تركيب المشهد السياسي الفرنسي بعد استبعاد لوبان .
والأهم أن هذا الحدث يمثل تشنجاً جديداً لفرنسا التي تشهد حالة تشتت سياسي وتراجع اقتصادي. أما بالنسبة لمارين لوبان بالذات فالضربة شبه قاضية ويمكن أن تضع حداً لمستقبلها السياسي.