كانَ الجدولُ الدوري، ذلكَ الترتيبُ الأيقونيُّ للعناصرِ الكيميائية، يحملُ دائمًا جاذبيةَ المجهول، ويدعو العلماءَ لاستكشافِ عوالِمِ الموادِّ الكيميائية.
منْ بينِ المناطقِ الأكثرِ إثارةً للاهتمامِ في الجدولِ الدوريِّ عناصرُ ما بعدَ اليورانيوم، وهوَ عالَمٌ منَ العناصرِ الاصطناعيةِ التي أسرَتْ عقولَ الكيميائيينَ والفيزيائيينَ على حدٍّ سواء.
وعناصرُ ما بعدَ اليورانيوم، هيَ تلكَ العناصرُ التي تَزيدُ أعدادُها الذَّريةُ عنِ اثنينِ وتسعين. وعلى عكسِ نظيراتِها الموجودةِ في الطبيعة، فقدْ وُلدتْ هذهِ العناصرُ منْ براعةِ الإنسان، وتمَّ تصنيعُها بشِقِّ الأنفسِ منْ خلالِ تفاعلاتٍ نوويةٍ خاضعةٍ للرقابة. وبالتالي؛ فوجودُها العابرُ وخصائصُها الفريدةُ يقدمانِ لمحةً محيرةً عنِ الزوايا غيرِ المستكشَفةِ في الجدولِ الدوري.
تطلَّبَ اكتشافُ تلكَ العناصرِ البراعةَ والمثابرةَ والفهمَ العميقَ للتفاعلاتِ النوويةِ وفيزياءِ الجسيمات. وقدْ شرعَ الباحثونَ في السعيِ للكشفِ عنِ الخصائصِ والسلوكِ والهياكلِ الذريةِ المعقدةِ لهذهِ العناصرِ طيلةَ سنين؛ وسلطتِ اكتشافاتُهمُ الضوءَ على الانتقالِ بينَ المعلومِ والمجهول، أوْ حدودِ الاستقرارِ الذريِّ وتعقيداتِ النوى الذرية.
منْ ضمنِ العلماءِ الذينَ ساهمُوا في الكشفِ عنْ تلكَ العناصرِ : الأمريكيانِ "إدوين ماكميلان" و"غلين سيبورغ" اللذانِ حصلا على جائزةِ نوبل الكيمياءِ في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وواحدٍ وخمسينَ بعدَ أنِ اقتحما ذلكَ العالَمَ الغامض.. عالَمَ ما بعدَ اليورانيوم.
Hosted on Acast. See acast.com/privacy for more information.