بعد مجزرة تحرير الرهائن الإسرائيليين الأربعة في مخيم النصيرات في غزة، تراجعت الامال بالتوصل الى اتفاق بين اسرائيل وحماس على وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى. وعشية هذه العملية التي قتل خلالها مئتان وأربعة وسبعون فلسطينيا وأصيب نحو سبعمئة، كانت حماس تواصل إرسال إشارات إلى أن ردها قد يكون بالموافقة على الصفقة المقترحة مع التمسك بشروطها بالنسبة إلى إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
وإذا بالإعلان عن تعاون أميركي إسرائيلي في تحرير الرهائن ينسف عمليا كل الجهود التي بذلت طوال الأسبوع الماضي على أكثر من مستوى لتأمين نجاح الاتفاق.
فمن جهة، شكل إخراج الرهائن من مكان احتجازهم شعوراً بالانتصار في الجانب الإسرائيلي، ونوعاً من التزكية لنهج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف، الذين أيدوا دائما الضغط العسكري وليس الهدنة لاستعادة الأسرى. ومن جهة أخرى، اعتبرت حماس أن ترحيب واشنطن بعملية النصيرات من دون الإشارة إلى الضحايا المدنيين الفلسطينيين، أطاح الإيجابية التي أبداها الرئيس الأميركي عندما عرض الخطوط العريضة للصفقة المقترحة.
ولذلك أعلن رئيس المكتب السياسي لحماس أن مجزرة النصيرات تؤكد ضرورة أن يشمل أي اتفاق لتبادل الأسرى وقفا دائما للعدوان وانسحاب كاملا من القطاع. وترافق ذلك مع جدل حول استخدام الرصيف الأميركي العائم في العملية العسكرية، وهو الأمر الذي نفته واشنطن بشدة، لكنها لم تنف أن الوحدة الأميركية لاستعادة الرهائن ساهمت فيها.
وجرى تبرير ذلك بأن خمسة وثلاثين من قتلى هجوم السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي كانوا أميركيين، وأن أحد عشر أميركيا كانوا بين الرهائن وقتل خمسة منهم بالقصف الإسرائيلي، وسط استنكار عربي واسع لمجزرة النصيرات، كان لافتا أن الدول الغربية تجاهلتها رغم حجمها الدموي الكبير، وركزت اهتمامها على الرهائن الذين تم تحريرهم.
غير أن ذوي الرهائن الإسرائيليين الأخرين واصلوا الضغط على حكومتهم لمطالبتها بعقد صفقة التبادل، وقد شاركها في ذلك الوزير بني غانتس في خطاب إعلان استقالته من مجلس الحرب مساء أمس. أما السلطة الفلسطينية فطالبت مجلس الأمن بجلسة طارئة للبحث في المجزرة، وليس متوقعا أن يكون مصيرها مختلفا عما شهده المجلس في تعامله مع حرب غزة طوال الشهور الثمانية الماضية.