تستمر أعمال العنف والاحتجاجات في كاليدونيا الجديدة، الاقليم الفرنسي ما وراء البحار، وذلك منذ الاثنين ١٣ مايو ، مما استدعى إعلان فرنسا فرض حالة الطوارئ في هذا الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ.
تجدر الإشارة إلى ان التوترات تعود إلى الواجهة منذ عقود بين السكان الأصليين الكاناك الذين يسعون إلى الاستقلال، وبقية السكان من أصول فرنسية وأوروبية المتمسكين ببقاء الاقليم جزءا من فرنسا وذلك منذ استعمارها لهذا البلد في ١٨٥٣ ،في عهد الإمبراطور نابليون الثالث.
اندلعت الاضطرابات هذا الأسبوع مع مناقشة مجلس النواب الفرنسي اقتراح تعديل الدستور الفرنسي، لإجراء تغييرات على قوائم الناخبين في كاليدونيا الجديدة.
ويعتبر المعارضون إن هذا الإجراء سيغير التركيبة الانتخابية لصالح " الكالدوش" لقب الموالين لفرنسا في كاليدونيا الجديدة، وسيزيد من تهميش الكاناك الذين عانوا من سياسات الفصل الصارمة والتمييز على نطاق واسع.
لا مناص من العودة إلى الجذور التاريخية، وخاصة خلال الثمانينيات. ووصل العنف إلى ذروته خلال أزمة الرهائن في كهف أوفيا العام ١٩٨٧ ،
وأدت أزمة الرهائن إلى إجراء مفاوضات تحت رعاية رئيس الحكومة حينها ميشال روكار في عهد ميتران، وبلغت تلك الفترة ذروتها مع اتفاق نوميا عام ١٩٩٨ ، الذي رعاه ليونيل جوسبان في عهد شيراك، ووافق على منح الإقليم المزيد من الحكم الذاتي والسماح بإجراء ثلاثة استفتاءات على الاستقلال، على ان يكون التصويت مقتصراً على الأشخاص الذين أقاموا في كاليدونيا الجديدة قبل عام ١٩٩٨ ، في خطوة تهدف إلى منح تمثيل أكبر لسكان الكاناك الأصليين . وبالفعل، ادى الاستفتاءين الأولين، في عامي ٢٠١٨ و ٢٠٢٠ ، إلى رفض الاستقلال، ولكن بهامش ضيق جدًا، وكانت جائحة كورونا وراء تأجيل إجراء الاستفتاء الثالث في ديسمبر ٢٠٢١.
لا يمكن لباريس في حساباتها إغفال الأهمية الاستراتيجية للإقليم في التنافس الدولي الدائر في المحيط الهادىء، ونظرا لموارد الاقليم الهامة من المعادن خاصة النيكل .
يعتبر الاستقلاليون الكاناك ان موقف باريس غير حيادي وهي ترفض الاستقلال مغلفة ذلك من الناحية الفنية بالانحياز للسكان الكالدوش في القوائم الانتخابية كي تستمر في بسط السيطرة ، ومع تدهور الوضع الاقتصادي وأعمال النهب خلال الاحتجاجات تخشى السلطات من تنشيط حركة استقلال مسلحة ، و من حرب اهلية تشبه ما جرى في الجزائر سابقا .
تحت غطاء بسط النظام قبل الحوار يتشدد الرئيس ماكرون وحكومته ووزير داخليته الذي يدير الملف ، لكن إذا لم يكن هناك من ميشال روكار جديد يقود الحوار من جديد، يمكن ان يذهب الوضع إلى الاسوأ