انطلقت الحملة الانتخابية الاميركية بقوة بعد " يوم الثلاثاء الكبير" ، وسيتكرر في نوفمبر القادم مشهد العام ٢٠٢٠ مع شخصي دونالد ترامب وجو بايدن . وأتى " الخطاب السنوي عن حال الاتحاد" في الثامن من مارس، ليمنح الرئيس الحالي الفرصة لتوضيح سياساته في مداخلة ناجحة استمرت اكثر من ساعة، واعتبر بعض المحللين ان " جو بايدن ألقى اهم خطاب في حياته " وبرهن عن تمتعه بقدراته كاملة وسماته القيادية . لكن ذلك بالطبع لم يكن رأي غريمه دونالد ترامب الذي اتهم بايدن بانه "يعاني حالة حادة من متلازمة اضطراب ترامب"، لأن الرئيس الديمقراطي لمح إلى خصمه الجمهوري اكثر من اثنتي عشرة مرة من دون ذكر اسمه مطلقاً ، بل الاشارة اليه بنعت " سلفي " اي الرئيس السابق.
برز التناقض بين الرجلين حول مواضيع اساسية داخلية وخارجية ، وأبرزها قضايا مثل الإجهاض والهجرة وحرب أوكرانيا. وركز بايدن على خضوع ترامب لروسيا، وادارته ملف جائحة كورونا والتستر على هجوم تلة الكابيتول.
تكشف اعادة التاريخ نفسها بعد اربع سنوات عن استمرار الانقسام العميق الداخلي بين نهج شعبوي محافظ وخائف على فقدان المكاسب الاميركية وممثل لشريحة كبيرة من البيض والإنجيليين ، ونهج منفتح يمثل الملونين والمكونات الأقلية ويدافع عن البيئة . اذ انه مقابل ابراز بايدن نفسه بانه الرئيس القوي المدافع عن الحريات والديمقراطية والمواجه لروسيا والصين، رد الحزب الجمهوري بأن "أميركا تستحق قادة يدركون أن الحدود الآمنة، والأسعار المستقرة، والشوارع الآمنة، والدفاع القوي هي حجر الزاوية بالنسبة لأمة عظيمة".
تغيرت الولايات المتحدة الأميركية بعمق مع سقوط الكثير من المحرمات واهتزاز في تركيبتها الاجتماعية والسياسية، والطلاق بين شريحة واسعة من الرأي العام مع الإيستابليشمانت” (النظام أي المؤسسة).
يتابع كل العالم تطورات السنة الانتخابية في واشنطن ، ليس لانعكاساتها الداخلية والاقتصادية فحسب، بل لأن ما يجري في واشنطن ينعكس على مسار الأحداث والتوازنات الكونية، خاصة خلال هذه الحقبة من الاضطراب الاستراتيجي.
حتى اللحظة، يتقدم ترامب على بايدن في استطلاعات الرأي ، لكن من المبكر التوقع الدقيق والأرجح ان البلاد ستشهد معركة كسر عظم ، وسيكون الأدهى إذا حصلت مشكلات ولا يتم الاعتراف بنتائج الانتخابات من هذا الطرف أو ذاك .
في الاجمال، تعني عودة التنافس بين ترامب وبايدن ومجريات حملة انتخابية حافلة بالمفاجآت والتقلبات، ان “العالم الجديد” لم يعد النموذج الديمقراطي الذي تصوره توماس جفرسون.