أتت الضربات الأمريكية - البريطانية ضد الحوثيين اليمن الخميس - الجمعة 12 يناير/كانون الثاني بعد حوالي ثلاثين هجوماً على السفن التجارية من قبل انصار الله الحوثيين اليمنيين الذين يركزون على انها تقتصر على السفن المتجهة إلى إسرائيل ، لكن مما لا شك فيه ان الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تتأثر بهذه الهجمات والدليل قناة السويس التي تراجع دخلها بنسبة كبيرة.
ويقول الحوثيون إنهم يتصرفون من منطلق التضامن مع غزة ويسعون إلى إنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية . ويؤكد مصدر معني بالملاحة والتأمين أن "هذا الأمر مبالغ به " اذ ان معظم أهدافهم البحرية ليس لها صلة مباشرة مع إسرائيل " . والمثل الذي يعطيه هذا المصدر هو عملية التاسع من يناير/كانون الثاني، التي استهدفت عدة سفن - بما في ذلك واحدة تحتوي على زيت الوقود - بثمانية عشر صاروخا وثلاث طائرات بدون طيار. ويمكننا اعتبار هذا الهجوم هو الصاعق الذي حدا ببايدن وسوناك لاتخاذ قرارهما بالرد .
مع هجمات الحوثي وتطوير قدراته ودعم ايران لهذه الهجمات ونشر بحريتها بالقرب من باب المندب، بالإضافة للانتشار العسكري الغربي الواسع تزداد الخشية من عسكرة البحر الأحمر وزيادة المخاطر على امان الملاحة الدولية وعلى الاقتصاد العالمي.
وللعلم يعد البحر الأحمر ممراً ملاحياً مهماً لحركة التجارة العالمية، وهو يمثل حلقة الوصل البحري الأسرع والأقصر بين آسيا وأوروبا.
ومن خلال هذا الشريان الحيوي يمر حوالي عشرة بالمئة من إمدادات النفط المنقولة بحراً حول العالم (أي ما يعادل من ستة إلى سبعة ملايين برميل نفط يومياً)، و ١٢ بالمئة من إجمالي التجارة العالمية. هكذا مع تزايد خطر الحوثي على سفن الشحن سيكون هناك تأثير واضح على سلاسل التوريد، وبما يهدد برفع نسب التضخم
وتتوجب الاشارة إلى الأهمية الإستراتيجية الفريدة لشريان البحر الأحمر بالنسبة للأمن القومي العربي بشكل عام، ولدول شبه الجزيرة العربية ووادي النيل بشكل خاص. ومن الدلائل على اهمية البحر الأحمر الجيوسياسية وجود عدة قواعد عسكرية اجنبية في جيبوتي ، والتنافسية على الصومال وسعي اثيوبيا لإيجاد منفذ بحري لها في ارض الصومال، ناهيك عن السودان الذي يتنفس عبر ميناء بور سودان.
في سبعينيات القرن الماضي، اعتبر الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون دقيقا أن “السيطرة على الخليج والشرق الأوسط هما المفتاح للسيطرة على العالم”. وعندما نراقب اليوم لعبة الأمم الجديدة من مضيق باب المندب وضفاف الخليج، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، والنزاعات المحتدمة ندرك أننا أمام منعطف دقيق.