أتت ذكرى الهدنة التي أوقفت الحرب بين الكوريتين لتشكل مناسبة لتأكيد العلاقة المتينة بين موسكو وبيونغ يانغ . وبالرغم من اهمية الطابع الثنائي ، اندرجت زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويفو الاخيرة الى كوريا الشمالية بعد مرور سبعين عاماً على حرب مهمة جدًا تاريخيًا من وجهة النظر الروسية والصينية ، لأنها حرب لم تنتصر فيها الولايات المتحدة. بل اسفرت عن صمود واستمرارية كوريا الشمالية
ومن اللافت انه منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا ، برز الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بمثابة الحليف الاول للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، ولم يكن دعمه لموسكو مفاجئا، لان روسيا داعمة تاريخية له وترفض بانتظام قرارات الأمم المتحدة التي تستهدف بلاده مع تصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية في السنوات الاخيرة.
نظراً للانقسام العالمي الحاد ، يمكن اعتبار زيارة شويغو بالغة الاهمية . لكنها في نهاية المطاف رمزية وغايتها حسب وجهة النظر الغربية تتلخص بفك عزلة البلدين في المقام الاول و مواصلة نهج موسكو في مضاعفة الزيارات او عقد المؤتمرات على شاكلة قمة روسيا - افريقيا كي تعزز موقعها الدولي ، وقد اكد فلاديمير بوتين في رسالة الى كيم جونغ اون على " المصالح المشتركة والتصميم على مقاومة سياسة الغرب الجماعي، الذي يمنع إنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب" .
من دون شك ، كان تعزيز "التعاون العسكري" بين روسيا وكوريا الشمالية تحت المجهر ابان زيارة شويغو لأن واشنطن تشتبه في دعم بيونغ يانغ للجهود الحربية الروسية على شكل صواريخ وقذائف ومواد خام. لكن بعد حصولها على الدعم الايراني، سيكون من الصعب على روسيا ، الدولة العسكرية الكبيرة ان تلجأ للاعتماد على كوريا الشمالية ،خاصة في الذخيرة. وسيكون هذا تعبيراً عن ضعف لن تعترف به الامبراطورية السابقة . يضاف إلى ذلك إشكالات فنية تتعلق بمدى توافق الأسلحة الروسية مع القذائف والذخيرة المصنعة في بيونغ يانغ.
من ناحية اخرى ، هناك تساؤل مشروع حول وجود إمكانية حقيقية للتعاون الاقتصادي ، الذي أصبح شبه مستحيل بسبب العقوبات الدولية الجديدة المرتبطة بحرب أوكرانيا.
على الارجح، لا يستبعد ان تقوم موسكو باستخدام الفزاعة الكورية الشمالية ، اذ انه في مراحل التهدئة العالمية تحاول روسيا والصين
الظهور في دور معتدل في مواجهة نظام بيونغ يانغ. وهذه المرة، يبدو ان هناك توجه روسي - صيني مشترك في غض النظر عن أنشطة كوريا الشمالية وصواريخها العابرة واسلحتها النووية في سياق المواجهة الدولية الدائرة.