نكرّس النشرة العلمية إلى "وحش" الذكاء الاصطناعي الذي يدفع العاملين في الدبلجة والإنتاج الفنّي إلى رصّ صفوفهم لمواجهته دفاعا عن مستقبل بعض مهن الصوت.
في السنوات الأخيرة، لم يُبدِ العاملون في مجال الدبلجة قلقاً كبيراً عند انتشار تكنولوجيا (TTS) "Text To Speech"، تلك التقنية التي تمكّنت من تحويل نص مكتوب إلى كلام صادر عن صوت بشري بإلقاءٍ آلي، كما ألفناه في خدمات المساعدة الصوتية أمثال "Siri" و"أليكسا".
لكنّ فورة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أضافت "التعلم الآلي" الذي يسمح للبرنامج بمقارنة عينة صوتية بملايين العينات الأخرى لينتج بعدئذ صوتا مفبركا.
في مختلف أنحاء العالم، بدأ الممثلون المتخصصون في دبلجة الأصوات في الأعمال السينمائية والتلفزيونية، وقارئو الكتب المسموعة يخوضون مواجهة مع الذكاء الاصطناعي الذي يهدد مستقبلهم المهني بعدما أصبح قادرا على إنشاء أصوات رقمية مطابقة للأصوات البشرية.
لذا أنشأت عشرون نقابة ومنظمة عُمّالية من أوروبا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، "منظمة الأصوات المتحدة United voices organisation (UVO) " التي تقوم بحملات تحت شعار "لا تسرقوا أصواتنا" من أجل الدفع نحو إقرار تشريع يوائم بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري.
خلال حضورنا النسخة الأولى من معرض التقنية في أفريقيا Gitex الذي انعقد مطلع حزيران/يونيو الماضي في مُراكش، حاولنا معرفة ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيطيح بمقدّمي نشرات الأخبار وبالمغنين وبالمدبلجين. عند اطّلاعنا على أحدث الميكروفونات لدى شركة Shure المتخصصة في التجهيزات الصوتية للمستهلكين والمتخصصين، شئنا معرفة ما إذا كان مستقبل الميكروفون مهدّدا في ظلّ التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي. مهندس الصوت لدى شركة Shure، براء قصّاب، أبدى قناعته بأن الذكاء الاصطناعي "لا يمكن" أن يحلّ محلّ البشر لأنه ببساطة "بلا روح". لنستمع إلى التسجيل الصوتي.
مع أنّ عيّنات من الأغاني الحديثة أنتجت بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي والروبوت كما فعلت الوكالة الرقمية Space150 التي صدر عنها أغنية تقلّد صوت مغنّي الراب Travis Scott وحملت تسمية « Jack Park Canny Dope Man »، لن يموت الإنتاج الفني البشري الذي سيبقى بحاجة لميكروفونات عصرية تنقل إحساس المغنين إلى قاعدتهم الشعبية. إنمّا لكل خامة صوت هناك ميكروفون يتماشى مع النبرة كما ورد على لسان مهندس الصوت، براء قصّاب في التسجيل الصوتي.
بعدما درجت صناعة المحتوى بخدمة البودكاست، حاولت شركة Shure أن تنسجم مع متطلّبات التسجيل الصوتي لتقدّم ميكروفونا خاصا بالبودكاست استُحدث من ميكروفونها الشهير SM7B كما أفاد براء قصّاب.
في الختام لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المتخصّصين في مجال الدبلجة الصوتية يخشون على مستقبلهم المهني بسبب المنافسة التي بدأت بها منصات عاملة بالذكاء الاصطناعي، مثل revoicer.com. تقدّم هذه المنصّات مجموعة واسعة من خدمات الإلقاء الصوتي التجاري والدبلجة الآليّة مقابل رسم شهري قدره 27 دولاراً. ينادي فنانو الصوت هؤلاء بإقرار قوانين لمنع استخدام أصواتهم من دون موافقتهم، ما يعني استبعاد المدبلجين الآليين.