اندلعت في فرنسا حركات احتجاج واعمال عنف في عدد من ضواحي العاصمة باريس وعدة مدن اخرى في موجة غضب على خلفية مقتل الفتى نائل برصاص شرطي .
منذ اللحظة الاولى اعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون ان " قتل الشاب أمر لا يغتفر" . لكن سرعان ما برز الانقسام الحاد داخل الرأي العام والطبقة السياسية . بينما ادان جان لوك ميلنشون زعيم اليسار الراديكالي أداء الشرطة وحذرت رئيسة حزب الخضر من تصرف على الطريقة الاميركية لرجال الامن ، اعلنت زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبن عن دعم غير محدود للشرطة ، ووصل الامر برئيس حزب الجمهوريين اليميني اريك سيوتي للقول:
" انها العصابات المسلحة التي تقوم بالنهب وحرق المباني العامة وكذلك المنازل وقتل ضباط الشرطة . ولا شيء يمكن أن يبرر اندلاع العنف".
ازاء مخاطر امتداد العنف الى حد تكرار ما حصل في " انتفاضة الضواحي" للعام 2005، أكدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن أن السلطة التنفيذية تدرس "كل الاحتمالات" لإعادة النظام في فرنسا من بينها فرض حال الطوارئ.
من احتجاجات السترات الصفراء الى الاحتجاجات حول انظمة التقاعد، يمر الرئيس ماكرون الآن بالاختبار الثالث مع اضطرابات العنف المدني ويجد نفسه امام تحدي الحفاظ على هيبة الدولة واحترام النظام العام ومسعى الحفاظ على التماسك المجتمعي ومستقبل الشباب المهمش . ليس من الممكن ان تتجاهل فرنسا طلب منظمة الامم المتحدة منها "معالجة مشاكل العنصرية والتمييز العنصري في صفوف قوات الأمن"، وهذا يتطلب مراجعة متأنية لتكوين رجال الشرطة والانظمة المرعية في الدفاع عن النفس وكيفية اطلاق النار. لكن يصعب على الدولة ايضا عدم التعامل بحزم مع مجموعات تستغل معاناة الاحياء الشعبية وتستفيد من الفوضى للقيام باعمال نهب وتخريب وتعتمد خطاباً مليئاً بالكراهية.
من 2005 الى 2023، يتضح جلياً الفشل في معالجة اوضاع الاحياء الشعبية والهامشية التي تكشف عن فشل نموذج الاندماج لمواطنين من اصول اجنبية ، او عن اعتبار الجيل الفرنسي الجديد الناشئ في هذه الاماكن بانهم مواطنون من الدرجة الثانية .
لا يمكن التقليل من التوتر الذي يتعرض له رجال الشرطة بسبب العدوانية المتصاعدة، وليس مقبولا تبرير اعمال العنف المتنقل بين عدة مدن ودساكر . لكن المأساة التي حصلت تتطلب تحقيقاً مع خلاصات واضحة وكذلك القيام باصلاح اجراءات استخدام الاسلحة .
في مطلق الاحوال، ينطوي كل تقييم فيه مبالغات على غطاء تتخذه ذريعة او تستفيد منه زمر وعصابات الاتجار بالمخدرات او التهريب والتجارة غير الشرعية والقوى المتشددة يمينًا ويسارا وكل ذلك يمكن ان يدفع للانفجار وليس في ذلك مصلحة الشياب والاحياء الشعبية وبالطبع ليس في مصلحة فرنسا.