أحبّ جدًّا زيارة المتاحف، وخاصة المتاحف الفنية التي تعرض لوحات رُسمت في القرن السابع عشر والثامن عشر. تبهرني الألوان والإتقان في رسم الوجوه والملابس والطبيعة. لو كنت أتمنى أن أكون شيئًا آخر غير كوني صحفية وكاتبة لتمنيت أن أكون رسامة.
عندما زرت باريس كان أجمل يوم هو اليوم الذي قضيته في متحف أورسي، زرته مع الكاتب المعروف علي المقري. قضينا ساعات طويلة هناك ولولا التعب لكنت قضيت اليوم كله وأنا أتأمل اللوحات والجدران وكلّ ما حولي.
في استوكهولم هناك أيضًا متحف بنفس درجة أورسي من الجمال، واسمه المتحف الوطني. استغربت أننا عندما درسنا السويدية زرنا مع المدرسة عدة متاحف ولكننا لم نزر هذا المتحف ولا أدري لماذا. ربما اعتقدوا أن الأمر سيكون معقّدًا أو ربما لن يكون ممتعًا بالنسبة لنا، لا أدري. ولكن أجد أن زيارة هذا المتحف مهمة لمن يريد أن يتعرف على الفنّ في السويد، وبشكل أوسع الفن في أوروبا.
سأذكر لكم بعض التفاصيل عن هذا المتحف؛ يوجد في المتحف 16,000 قطعة من اللوحات والمنحوتات، والرسوم، والمطبوعات، تمتدّ من العصور الوسطى المتأخرة حتى أوائل القرن العشرين. تُركّز المجموعة بشكل خاص على الفن السويدي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وتضم أعمالًا لفنانين سويديين بارزين مثل كارل لارشون، أندرس زورين، إرنست جوزيفسون، وكارل فريدريك هيل. كما تحتوي على أعمال لفنانين عالميين مثل رامبرانت، روبنز، غويا، رينوار، ديغا، وغوغان.
المتحف يطلّ على بحر البلطيق، عندما تنظر من الشبّاك تجد البحر أمامك، ومن حولك جدران منقوشة ولوحات مذهلة، فتشعر وكأنك بداخل لوحة أكبر. يُعدّ هذا المتحف واحدًا من أقدم المتاحف الفنية في أوروبا، حيث تأسس عام 1792، واستمتعت كثيرًا وأنا اتأمّل صورة استوكهولم وكيف كانت قبل قرون.
كثر الحديث مؤخّرًا في السويد عن أهمية أن يعرف من يعيش فيها عن تاريخها وفنها، وبرأيي أن هذا مهمّ فعلًا. عندما تتعرّف على بلد لا يكون ذلك فقط من خلال الأماكن السياحية والشوارع الحديثة، وإنما بالغوص في تاريخه. هنا ستشعر فعلًا بأنّك عرفت هذا البلد، وستشعر بأنك تراه بشكل مختلف. إنّه شعور من يقع في حبّ شخص بعد أن يسمع منه عن تاريخه هنا سيراه بمنظار مختلف، وسيكبر الحب أكثر كما كبر حبي لاستوكهولم.