في مكان آخر، ربّما لم يكن ليكتب لنا أن نُنْفى من أزمِنَتِنا حدّ تكريس العمر لكتابتها، الّا أنّ اللغة بحدّ ذاتها منفى، حسب ما ذكره الشّاعر السوري نوري الجرّاح، فكيف السبيل للنجاة من منفى يكتب نفسه على ايقاعات مدمّرة؟
الاجابة مرسى سامٌ، لا يجوز الاقتراب منه، بل الأجدر البقاء في رحلة سرمدية، شاءت أن تبدأ من بيروت. وذلك بعد أن كانت دمشق، "ذات الاسماء المتعدّدة"، نقطة انطلاقها. فبيروت لم تعد مجرّد مدينة، بل ألفت "جنّة للمنفيين"، اجتمع فيها ال"ملعونون في الأرض"، من أنظمتهم العالقة في اللاجدوى والغارقة في الحرب…
وما الحرب سوى الرّجل في النهاية؟ فهذا ما أكّده صاحب "ابتسامة النائم"، مجيبًا على اسئلة غادة الخليل،عندما نقلته الى المرأة. فأكّد لها أنّ "المرأة لم تخرج من ضلع الرجل، بل أخرجت الحياة من رحمها"، تاركًا الدماء للمُذَكَّر، مُذكّرًا، انّ من وصفهنّ "بقِبلة الأنظار" هنّ القُبلة لقصيدة، قد تنفي المنفى والانتظار.