الأسبوع اللي فات كان فيه تريند رياضي شغل الرأي العام في مصر. بنت إسمها شهد عمرها ١٩ سنة لاعبة سباق دراجات أعلنوا انها من ضمن الفريق المصري اللي هيشارك في الأولمبياد. كانت معلومة جديدة بالنسبة للبعض إن لعبة سباق الدراجات موجودة في الأولمبياد، وكانت معلومة جديدة للبعض الآخر ان عندنا فريق وما شاء الله هيشارك.
لكن المعلومة اللي ما كانش حد يعرفها من خارج وسط اللعبة إن اللاعبة اللي عليها الكلام كان ليها حادثة سابقة تسببت فيها في إصابة زميلة لها، لما زنقت عليها في سباق محلي لحد ما البنت التانية اتخبطت في حاجز أسمنتي وحصلها ارتجاج في المخ.
على قلة معلوماتنا بقوانين اللعبة، وقلة خبراتنا بالخطوط الحمرا اللي فيها، لكن فيديو الحادثة كان فعلا يوجع القلب وبين ا نوع من تعمد الأذى. هاج الرأي العام وماج، وتساءل: إزاي اللاعبة دي تمثل مصر في محفل دولي، خاصة وإنها موقوفة محليا لمدة سنة، يعني الاتحاد بتاعها نفسه أثبت خطأها وإنها استحقت العقاب.
تابعت ردود الأفعال الغاضبة، والناس الكتير اللي بتتكلم عن ميثاق الشرف الرياضي، وأخلاق المنافسة وأنا الحقيقة جوايا أكتر من علامة تعجب. وده لأني في حياتي اليومية ومن يوم ما دخلت معترك الأمومة وأنا بشوف مجموعة من الشباب والشابات بل والأطفال اللي كلهم شهد. أشخاص في طور النمو الجسدي والمعرفي بيتم شحنهم كل لحظة وكل يوم عشان يبقوا الأفضل والأنجح ولو على حساب الآخرين. وإنهم ياخدوا حقوقهم وفي معظم الأحيان أكتر من حقوقهم، وليأتي من بعدهم الطوفان.
شباب بشوفهم في المنافسات الرياضية أمهاتهم وأبهاتهم بيعنفوهم لفظيا وأحيانا بدنيا عشان ضيعوا نقطة أو خسروا ماتش، وفي أوقات كتير بيتم توجيههم لاعتبار خصمهم في اللعبة عدو وبنسمع جمل زي (أحسن منك في إيه ده عشان يفوز عليك) ، و(اعرف نقطة ضعفه واضربه فيها) ولحد (إكسره واطلع منه بس المهم ما يسبقكش). بدل من التركيز على التدريب والجهد والتركيز يتم توجيه الولد أو البنت لإن خصمه يبقى عدوه، وإن هو الشيطان الأعظم اللي لازم ندمره عشان احنا اللي نفوز.
دانا حتى بشوفها في النوادي، الأمهات اللي بتحذر عيالها اللي مكملوش ٥-٦ سنين من إنهم يسيبوا حد يلعب بألعابهم، أو يشاركوا حد ركوب المرجيحة، أو يسمحوا لحد يتخطاهم في طابور الزحاليق، بدل ما نعلمهم الإيثار والمشاركة وإنهم يبقوا ودودين ولطاف، بنوصلهم طول الوقت رسايل إن الدنيا دي غابة، ويا تاكل اللي قدامك يا تتاكل.
وعلى الرغم من إني متفهمة نوعا ما رغبة الآباء والأمهات في إنهم يقووا شخصية أولادهم ويطمئنوا على إنهم مستعدين لعالم أصبح قاسي وبغيض، لكن يا ريت الكل يفتكر إن هو وأولاده بتصرفات شبه دي بيكونوا من العناصر الأساسية اللي بتخلي العالم بالفعل قاسي وبغيض.
هنلوم على شهد طبعا، وكل شهد، بس نخلي بالنا إننا بنربي عيالنا عشان كلهم يطلعوا شهد وبعدين نتلفت حوالينا واحنا بنتساءل: هي الدنيا جرى فيها إيه؟!