أثارت المبادرة التي طرحها الرئيس ايمانويل ماكرون، بشأن احتمال ارسال قوات أوروبية وغربية إلى أوكرانيا جدلاً واسعاً ولم تلق تأييداً اوروبيا وأمريكياً . إذ نأت ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وبولندا وجمهورية التشيك عن أي اقتراح باحتمال التزامها بإرسال قوات برية إلى الحرب في أوكرانيا دخلت عامها الثالث.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس: "لن ترسل الدول الأوروبية ولا دول حلف شمال الأطلسي قوات برية إلى أوكرانيا".
وواجهت موسكو هذه الفرضية بالتحذير من حتمية المواجهة بين حلف شمال الأطلسي وروسيا.
وبرز من بين كل الردود الأوروبية الرافضة لفكرة إيمانويل ماكرون بإرسال جنود غربيين إلى أوكرانيا، كان بلا شك رفض أولاف شولتس الذي وصفته صحيفة في برلين بانه تعبير عن " الغرور الالماني" ، بينما تكلمت أوساط أوروبية في بروكسيل عن حقبة جليدية في العلاقات الفرنسية - الالمانية . وحدا ذلك بالرئيس الفرنسي للغمز من هلع المستشار الالماني
وكان ايمانويل ماكرون قد فاجأ في السادس والعشرين من فبراير نظراءه والمدعوين إلى قمة باريس لدعم أوكرانيا بطرحه ارسال قوات لدعم أوكرانيا ومنع انتصار روسيا . وجاء ذلك بعد عشرة أيام على استقبال فلوديمير زيلينسكي في الاليزيه واقتراحه حينها ارسال عناصر دعم إلى الساحة الاوكرانية من دون توضيح فكرته. ومن دون تشاور داخلي او خارجي.
برر ماكرون هذا الاندفاع بقوله: " ينبغي عدم استبعاد أي شيء. سنفعل كل ما ينبغي حتى لا تتمكن روسيا من الانتصار في هذه الحرب". وجاءت تصريحات ماكرون في غمرة مكاسب ميدانية للقوات الروسية في شرق أوكرانيا،
فضلا عن تفاقم نقص الذخائر والأفراد على الجانب الأوكراني. ويرجح ان عدة احداث متزامنة حفزت ماكرون على تصعيد لهجته وأبرزها: الوفاة المفاجئة للمعارض الروسي أليكسي نافالني في السجن ، قبيل قمة ماكرون - زيلينسكي في ١٦ فبراير ، والعدوانية المتزايدة لموسكو أوروبياً ، والقلق بشأن مصير أوكرانيا إثر المؤتمر الامني السنوي في ميونيخ والخشية من تراجع الالتزام الاميركي.
هكذا في مواجهة شعور الشك القادم من ميونيخ ومن اجل البعث برسالة تصميم إلى موسكو من الأوروبيين عن دعمهم لكييف، نظم قصر الإليزيه في وقت قياسي في باريس مؤتمرا دوليا لدعم أوكرانيا، واراد من وراء اقتراحه غير المدروس ارسال قوات لطمأنة كييف ازاء المنعطف الحرج خلال السنة الانتخابية الاميركية . لكن المبادرة لم تترك الصدى المطلوب وربما من سلبياتها زيادة الانقسام الفرنسي الداخلي حول حرب أوكرانيا وتبيان عزلة فرنسا أوروبياً وتراجع موقعها القيادي ، وعودة الرئيس فلاديمير بوتين للتلويح باستخدام السلاح النووي في زمن دورة عودة الحروب.