رفح، آخر ملاذ الفلسطينيين في غزة بعد حرب التدمير الشامل من طرف الجيش الإسرائيلي، تمثل اليوم هدفا لسياسة نتنياهو العسكرية. هدفا قد يراد منه حسم معركة غزة، لكن المتتبع لمسيرة نتنياهو يعرف أن الرجل لا يعيش سياسيا إلا على الحرب خاصة وقد تداخل السياسي اليوم بالشخصي وهو ملاحق قضائيا من أجل تهم عديدة.
رفح، آخر ملاذ الفلسطينيين في غزة بعد حرب التدمير الشامل من طرف الجيش الإسرائيلي، تمثل اليوم هدفا لسياسة نتنياهو العسكرية. هدفا قد يراد منه حسم معركة غزة، لكن المتتبع لمسيرة نتنياهو يعرف أن الرجل لا يعيش سياسيا إلا على الحرب خاصة وقد تداخل السياسي اليوم بالشخصي وهو ملاحق قضائيا من أجل تهم عديدة. فالحرب دائمة لدى هذا الرجل ويجب أن تضل لأن فيها استمراره ومناعته. أما السلام وحتى الأسرى فموضوع ثانوي.
على خلفية الحرب ومآسيها بالنسبة لشعب أعزل يعاني من الاحتلال ومن الحصار، وعلى خلفية مقاومة حماس وتطرفها، توجد إرادة الشخص للحرب المتواصلة كسبا للبطولة من ناحية وضمانا للحماية السياسية من جهة ثانية. صورة البطل القومي هي من ضمن الأهداف الشخصية لإدامة المواجهة بالرغم من الخسائر البشرية الهائلة التي يبدو أن العالم لم يعطها حق قدرها من الاهتمام. في نفس الوقت تمثل صورة البطل شكلا من أشكال الحماية سواء في علاقة بالتتبعات الداخلية أو بمعارضة عديد الدول وخاصة بلدان الجنوب.
غير أن نتنياهو يواجه حقيقة موضوعية مفادها أنه لا يمكنه مواصلة الحرب إلى ما لا نهاية. فلا الاقتصاد الإسرائيلي يتحمل ولا الرأي العام الداخلي سيحافظ على صمته بالإضافة إلى عدم ضمان تواصل سكوت الدول الكبرى. في نفس الوقت، لم يتأكد إلى حد الآن تحقيق أهداف الحرب الشاملة التي كان أعلنها غداة السابع من أكتوبر الماضي. فلا الأسرى تم تحريرهم ولا فمة أدلة على نهاية حركة حماس. بل ربما سوف يكون حكم الرأي العام الإسرائيلي على الحصيلة النهائية في غير مصلحة نتنياهو.
هل يرتبط هذا التوجه نحو المواجهة الدائمة فقط بشخص نتنياهو كسياسي فريد في الساحة الإسرائيلية؟ ربما المشكل في عمقه يتجاوز الشخص والسياق الظرفي الحالي. فالسؤال المطروح بإلحاح في الخفاء في الوسط الفاعل في إسرائيل هو: ماذا نحن فاعلون بالفلسطينيين وهم على هذه الأرض؟ وهو السؤال الحقيقي الذي يتطلب إجابة توضح الآفاق المستقبلية. غير أن فكرة الحرب الدائمة تأتي دائما لطمس السؤال والتهرب من الإجابة، أي من السلام. ربما نذهب أبعد من ذلك بالقول بأن المشكل الحقيقي يتمثل في وصول الفكرة الصهيونية إلى نهايتها. إذ يبدو التعارض جليا بين المنطق الذي صاحب التأسيس وما أتى به من فكرة الاعتراف والحق في الدفاع عن الذات وبين واقع التوسع الكولونيالي وما يصاحبه من اعتداءات وتعدي على القانون الدولي ومن جرائم. لكن هل يمكن للساسة الإسرائيليين التفكير في ذاتهم خارج الثقافة الصهيونية؟