البهائية: طائفة بلا معابد ولا رجال دين يحظرها القانون العراقي
يتواجد معتنقو الديانة البهائية في محافظات عراقية مختلفة، على الرغم من وجود قانون ساري المفعول يمنع وجودهم، حتى أنه يقر في إحدى فقراته العقابية بالحبس عشرة أعوام لمن يجهر باعتناقه للديانة أو ممارسة طقوسها.
ريبورتاج أمل صقر في بغداد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من يسمع الأدعية التي يرددها معتنقو الديانة البهائية للمرة الأولى لا يستطيع أن يميز ديانة الداعي لأنها عبارة عن مناجاة بين العبد وربه، إضافة إلى قيام البعض منهم بإنشاد الألواح التي نزلت على نبيهم حضرة بهاء الله كما يذكرون.
لا يمتلك البهائيون لغة خاصة ولا معابد ولا رجال دين ليرشدوهم ويفسروا لهم تعاليم دينهم، وإذا أرادوا التعرف إلى ربهم ونبيهم، فعليهم أن يقرءوا كتبه المقدسة والواحة بأنفسهم، وتعد البهائية من الديانات المحظورة في العراق، وفقا لقانون شرع في سبعينيات القرن الماضي، وقد وصف القانون البهائية بالنشاط دلالة على رفض الاعتراف بها كديانة. ممثلة البهائية في العراق الدكتورة سهاد حداد تحدثت لنا عن رؤية البهائيين فيما يتعلق بهذا الموضوع.
"لا يطمح البهائيون إلى تحقيق منافع أو امتيازات خاصة بهم وحدهم، أي أنهم ينظرون إلى أنفسهم كجزء من مجتمع يضم العديد من الطوائف والديانات الأخرى، وعليه فإن البهائيين لا يقومون بالتحرك لتغيير قوانين أو سياسات بشكل فردي والحصول على امتيازات معينة خاصة بهم"
وأوضحت بأن "البهائيين في فترة السبعينيات أطاعوا الحكومة وقراراتها، لأن هذا ما يأمرهم به نبيهم حضرت بهاء الله، وحاليا الدستور العراقي يكفل حرية التعبير للجميع، مما يعطي المساحة للبهائيين لمشاركة معتقداتهم التي تهدف إلى تطوير وترقي المجتمع العراقي".
وفي حين أن هذا هو موقف البهائيين من قانون حظرهم، يلقي المستشار القانوني لمجلس النواب محمد الغزي بالأئمة على عدم إلغائه حتى الآن على معتنقي الديانة أنفسهم، حيث قال لنا بأن إلغاء القانون وارد جدا لأنه يتعارض مع مواد الدستور العراقي التي تقر بحرية الدين والعقيدة في العراق وأضاف
" الدستور لا يمنع أياً من الأديان التواجد على الأراضي العراقية بشرط ألا تكون سلبية أو عنيفة أو تدعو للكراهية، وفيما يتعلق بالقانون الخاص بحظر الديانة البهائية، يُفترض أن المختصين وممثلي هذه الديانة يقدمون طلبًا إلى ديوان الأوقاف المسيحية والديانات الأخرى من أجل إلغاء هذا القانون الذي صدر من قبل مجلس قيادة الثورة لحزب البعث المنحل، حتى يتمكنوا من ممارسة ديانتهم بكافة طقوسها داخل العراق".
تعد التجمعات بين البهائيين من أساسيات الدين يقرءون خلالها الأدعية، وتتألف السنة البهائية من تسعة عشر شهرا، ، وكذلك عدد ايام الشهر، ويصومون في شهر آذار/ مارس من كل عام ويطلقون عليه اسم العلاء، ويصلون ثلاث صلوات فقط خلال اليوم ويتزوجون بطريقة مشابهة للمسلمين ولكن دينهم لا يقر تعدد الزوجات.
الأكاديمي وخبير شؤون التنوع الديني في العراق الدكتور سعد سلوم يبين لنا الحاجة الفعلية للبهائيين في هذه المرحلة حيث قال:
"البهائيون في العراق يحاولون الحصول على أنماط أخرى من الاعتراف مثل الاجتماعي أكثر من الاعتراف بالدستور والتشريعات من خلال المشاركة في النشاطات الاجتماعية والمدنية وحتى الرسمية على سبيل المثال وجود البهائيين في صلاة قداسة البابا فرانسيس في عام 2021، كانت نوعا من الإيذان أو الرسالة بأن هناك نوعا من الاعتراف الواقعي بوجود البهائيين بوصفهم جزءا من هذا التنوع الغني في بلاد ما بين النهرين".
وأضاف سلوم "بالنسبة لتحريم الديانة البهائية، العراق لم يصدر قرارا رسميا بناءا على تصور خاص أو سياسية تجاه البهائيين، وإنما حاول استنساخ ما تقوم به الجمهورية العربية المتحدة في عهد الرئيس المصري في حينها جمال عبد الناصر، وفي الواقع جاء تحريم النشاط البهائي في العراق عام 1970. بعد عشر سنوات من تحريمه في مصر، وقد عثرت شخصيا على مراسلات بين وزارة الخارجية العراقية والسفارة في العاصمة المصرية لمتابعة الموضوع".
وتشير المصادر الموثقة لهذه المرحلة بأن قرار تحريم الديانة البهائية بوصفها نشاطا كان في زمن رئيس الجمهورية العراقية أحمد حسن البكر وتم الأمر بصورة تدريجية وتحديدا بعد وصول حزب البعث في العراق حينها إلى السلطة وإسقاط الملكية، حيث عمد بداية إلى إلغاء العقود المسجلة لمحافل البهائية. وفي أبريل (نيسان) 1965 صدر أمر بإلغاءها، ومصادرة ممتلكاتها في جميع أنحاء العراق استنادا إلى قانون السلامة الوطنية رقم (4) لسنة 1965.
وفي 1970 صدر القانون رقم (105) المعروف بقانون تحريم النشاط البهائي، وفيه حظر الترويج والانتساب للديانة البهائية، وحظر نشرها والدعوة إليها، ومنع بيع وتوزيع وحيازة الكتب والنشرات البهائية، وغلق جميع المحافل والمراكز البهائية في العراق، وإيقاف نشاطها وتصفية أموالها وموجوداتها، والاحتفاظ بجميع المستندات والأوراق والسجلات والكتب والموجودات والأموال الخاصة بالمحافل البهائية، ومعاقبة المخالف لهذه القوانين بالحبس لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
كان البهائيون قبل ذلك يمثلون جزءا من النسيج الاجتماعي العراقي، ويتمتعون بكل حقوقهم كأقلية دينية من حيث ممارسة نشاطاتهم الدينية والاجتماعية.
البهائيون كغيرهم من الأقليات الدينية في العراق لا توجد إحصائية رسمية بأعدادهم وأماكن تواجدهم ولكنهم ينتشرون في كل المحافظات العراقية وبشكل خاص في إقليم كردستان شمال العراق حيث يتمتعون بتمثيل رسمي.