خبر وتحليل
قانون الهجرة والاضطراب السياسي في فرنسا
خطار ابودياب
أقر البرلمان الفرنسي في التاسع عشر من كانون الأول/ ديسمبر بصورة نهائية قانوناً جديداً للهجرة مثيراً للجدل بعد اشهر طويلة من النقاش المحتدم. ويعتبر هذا التطور آخر السنة بمثابة حلقة من سلسلة النكسات للحكومة الفرنسية وللرئاسة . من الجدل والمظاهرات ضد قانون اصلاح أنظمة التقاعد إلى احتجاجات الضواحي وأخيراً قانون الهجرة ، كان العام ٢٠٢٣ عاماً صعباً لسيد الاليزيه بعد نجاحه في انتزاع ولاية ثانية في ٢٠٢٢. والادهى ان الفشل لم يكن داخلياً فقط بل شمل ميدان السياسة الخارجية والدفاع وهو من الميادين الحصرية في صلاحيات رئيس الجمهورية . ولهذا كان انسحاب فرنسا من الساحل الإفريقي، والارتباك في مقاربة حدث السابع من اكتوبر وحرب غزة من اشارات تراجع الدور الفرنسي حول العالم .
وفي نفس السياق يأتي قانون الهجرة وكأنه يمثل قطيعة سياسية واخلاقية مع تاريخ فرنسا التي كانت تفاخر بانها بلد اللجوء وحقوق الانسان المستندة إلى قيم الحرية والمساواة والإخاء.
في التسلسل الزمني ، منيت حكومة إليزابيت بورن ووزير الداخلية جيرالد دارمانان بهزيمة في الحادي عشر من ديسمبر إثر فشل تمرير المشروع الاولي المتوازن جراء تصويت مشترك ضده من قبل كل المعارضات يميناً ويساراً في الحادي عشر من ديسمبر. وقاد ذلك إلى خضوع غالبية الأكثرية الرئاسية للتوجه اليميني المتشدد اذ أن النص الذي تم اعتماده بعد التوصل إليه بعناء من قبل اللجنة المشتركة بين مجلسي الشيوخ والنواب، لا يخالف فقط توازن المشروع الأولي الذي تم الدفاع عنه لأكثر من سنة من قبل الحكومة، كما أنه يحتوي على اجراءات تتعارض مع المبادئ الجمهورية الأساسية مثل الحقوق الاجتماعية المتساوية وحقوق الارض
ومن المفارقات ان الحكومة التي حرصت طويلاً على الحوار مع الحزب اليميني التقليدي " الجمهوريون"، عادت ووقعت في الفخ لأن القانون الجديد مستوحى بالفعل من ادبيات ووثائق اليمين المتطرف، ولم تتردد مارين لوبن باعتباره نصراً ايديولوجياً. ولهذا حاول الرئيس ايمانويل ماكرون تبرير الاستدارة اليمينية من احالة النص المعتمد إلى المجلس الدستوري عله يصحح بعض مواده
وتجلى هذا الاضطراب في المشهد السياسي إلى انقسام في اكثرية الرئيس إيمانويل ماكرون، واتهام اليسار له بتقديم تنازلات غير مقبولة لليمين المتطرف.
يمثل التجاذب حول قانون الهجرة لحظة الحقيقة حيث تبرز وتجتمع كل نقاط الضعف في الولاية الثانية لماكرون اذ يقترن الضعف التدريجي لسلطة رئيس الجمهورية مع الضعف السياسي لحكومته. في نفس الوقت تفقد الماكرونية جوهرها وأسسها الوسطية. ويطرح بقوة التساؤل عن كيفية اكمال الرئيس ولايته وسط اكثرية ضائعة وتخبط سياسي