تنقل نايلة الصليبي في "النشرة الرقمية" تحذيرات من خبراء الذكاء الاصطناعي والعلوم المعرفية من إمكانية إضعاف الذكاء الاصطناعي التوليدي للتطور السليم للتفكير النقدي وللإبداع وللمعرفة لدى البشري.خاصة مع تطور هذا الأدوات وبروز نوع جديد من الذكاء الاصطناعي كـ "الروبوتات العاطفية"؟
شات جي بي تي وزملائه من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي يجعلون البشري أكثرغباءً!
اجتاح شات جي بي تي وزملائه من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي باللغة الطبيعية حياة البشري، بات هذا الأخير يعتمد على قدرات هذه الآلات في الإجابة عن أي سؤال بسيط.
كما تتيح هذه النماذج للطلاب، بسهولة، إمكانية كتابة مقال أو ترجمة نص، أو إعادة صياغة نص أو تلخيصه، و أيضا تتيح إنشاء و تطوير موقع ويب دون أي معرفة بالترميز و توليد الصور وغيرها من الإمكانات المفتوحة على كل الاحتمالات.
لكن هذه الإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي التوليدي للبشري وبالتحديد للطلاب، تطرح تساؤلات حول إمكانية هذه الأدوات بإضعاف التطور السليم للتفكير النقدي والإبداع والمعرفة لدى البشري.
إضعاف التطور السليم للتفكير النقدي والإبداع والمعرفة لدى البشري!
منذ إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي باللغة الطبيعية شات جي بي تي، (كلمة لغة طبيعية تعني أن الأداة بإمكانها فهم اللغة الطبيعية البشرية دون ترميز، أي إن المستخدم يتواصل مع الآلة بلغته الطبيعية)، و انتشار استخدام هذه الأدوات من قبل الطلاب في المدارس و الجامعات، بدأ عدد كبير من خبراء علوم الإدراك المعرفي والذكاء الاصطناعي بالتحذير من خطر انخفاض قدرات التعلم. بدأ من التوقف عن تعلم الكتابة، والعد، والتوقف عن تعلم المنطق، والاستدلال، واللغات، بحيث سيصبح البشري كسولًا ولن يعد بقدرته مساءلة ما تقدمه الآلة. ويخاطر باتباع اقتراحات شات جي بي تي، بارد أو كلود2، دون محاولة التفكير والمساءلة، وهذا يمكن أن يسبب بالتدهور المعرفي.
هذا بالتحديد ما عادت لتحذر منه لورانس دوفيلر، أستاذة الذكاء الاصطناعي في جامعة باريس السوربون والباحثة في مختبر علوم الكمبيوتر للميكانيك وعلوم الهندسة في باريس، "من أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ليست حلاً جيدًا لتطوير التفكير النقدي والإبداع والمعرفة بين الطلاب، ولا سيما من هم الأصغر سنًا".
تشدد لورانس دوفيلر على الحاجة الملحة لتنظيم الذكاء الاصطناعي التوليدي قبل السماح للأطفال باستخدامه في المدرسة؛من خلال جعل مثلا، شات جي بي تي مفتوح المصدر وإضفاء الطابع الديمقراطي عليه.
تعتبر لورانس دوفيلر أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، قام بعملية سطو واسعة النطاق في هذا المجال، وبالرغم من ذلك، فإن شات جي بي تي و غيره من الأدوات يرتكبون الأخطاء، و تسأل هل سيتمكن البشري من اكتشافها، في حال عدم إمكانه كشف المزالق التي تخفيها هذه الآلات؛ فهي تعتبر علبة سوداء غير شفافة لا نعرف كيف تعمل؟
توضح لورانس دوفيلر أن "الأدوات كـ شات جي بي تي يمكن أن توفر "تعلمًا مخصصًا وشخصيًا بناءً على احتياجات كل مستخدم، لكن بشرط أن يتمكن أي مستخدم من التحكم بصحة ما تقدمه هذه الأدوات ."
وتضيف الذكاء الاصطناعي التوليدي "ليس حلاً جيدًا لتطوير أي حس نقدي، ولا يعزز بأي حال من الأحوال الإبداع أو حتى التعطش للمعرفة بين الشباب. ويأتي الخطر، من أن نتحول إلى مجرد "مستهلكين" لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي. ما قد يؤدي بسرعة إلى انخفاض قدرات التعلم. أي بمعنى أخر، فإن الاستخدام السيئ المستمر للذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل البشر أكثر غباء أو أقل ذكاء مما هم عليه".
ما الحل كي لا يصبح البشري أكثر غباء مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
تنصح الباحثة لورانس دوفيلر، لتجنب هذا التدهور، بضرورة العمل على "دعم وتدريب وتعلم الأدوات التي يدعمها الذكاء الاصطناعي للطلاب و الأساتذة و أيضا للأهل" لمواكبة عمل أطفالهم و تعريفهم بالأدوات الرقمية الجديدة . كما تدعو لضرورة التعريف بالانعكاسات الأخلاقية التي تثيرها هذه الأدوات والضمانات التي من المحتمل وضعها لتنظيم استخدامها والسيطرة على استخدامها. خاصة وأن تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي تتطور بشكل كبير ومن المحتمل ظهور قريبا نوع جديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي "كـ "الروبوتات العاطفية"، التي ستكون قادرة على التقاط مشاعرنا الجسدية بفضل تحليل وجوهنا وتفسير إيماءاتنا ووضعياتنا والتصرف وفقًا لذلك."
تشرح لورانس دوفيلر أنه "من قدرات "الروبوتات العاطفية" اكتشاف مخاوفنا وقلقنا وحزننا، وهي مبرمجة لمساعدتنا وتهدئتنا. ومن ناحية التعليم، باستطاعة هذه الآلات دعم الطالب الذي يواجه صعوبة، لمساعدته في التغلب على عقبة أو حل مشكلة". لذا فهي تحذر من ردة فعل عكسية لاستخدامات هذه "الروبوتات العاطفية"، "كالاعتماد العاطفي، والعزلة، وفقدان الحرية، وتضخيم الصور النمطية، والمخاطر الحقيقية للتلاعب بالمشاعر و هنا يصبح ضروريا وضع أطر قانونية وأخلاقية في قلب تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه و بالتالي الرقابة على استخدامها".
أي باختصار ووفقا لمختلف الخبراء، يمكن أن يسبب الذكاء الاصطناعي التدهور المعرفي و قد تؤدي أدوات مثل شات جي بي تي إلى انخفاض قدرات التعلم أي "أن يصبح البشري أقل ذكاءً". فعلينا الحذر.
يمكن الاستماع لـ "بودكاست النشرة الرقمية" على مختلف منصات البودكاست. الرابط للبودكاست على منصة أبل
للتواصل مع #نايلةالصليبي عبر صفحة برنامَج"النشرة الرقمية"من مونت كارلو الدولية على لينكد إن وعلى تويتر salibi@ وعلى ماستودون و عبر موقع مونت كارلو الدولية مع تحيات نايلة الصليبي