قام الرئيس التونسي قيس سعيد بداية الأسبوع المنقضي بإعفاء رئيسة الحكومة نجلاء بودن وتعيين أحمد حشاني بدلا عنها. وبالرغم من أن تغيير السيدة بودن كان منتظرا منذ مدة، بسبب الوضع الاقتصادي والمالي وبسبب الحملة التي شنها عليها مساندو الرئيس، إلا أن اسم رئيس الحكومة البديل مثل مفاجئة لكل التونسيين. فالكل يتساءل عن خلفية التغيير وعن طبيعة الرهانات المستقبلية من ورائه خاصة بالنسبة للرئيس.
لقد سبق هذا التغيير حملة من التشكيك في كفاءة رئيسة الحكومة السابقة وخاصة في مدى قدرتها على تسيير الشأن الاقتصادي والمالي المتأزم. وتصاعدت الحملة بعد أن تعثرت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبعد فقدان عديد المواد الأساسية من الأسواق بما أصبح ينذر بأزمة اجتماعية وحتى سياسية. ومن بين الأطراف الأكثر نقدا لأداء السيدة بودن نجد الأحزاب القومية العربية مثل حزب الشعب وبعض التيارات اليسارية التي تطالب الرئيس بتشكيل حكومة سياسية من الحزام السياسي المساند له. إذ تعتبر هذه الأطراف أن حكومة التكنوقراط تبقى عاجزة طالما لم تنخرط في ما تسمية "مشروع الرئيس قيس سعيد".
يتمثل السياق الثاني في الوضع المحرج للميزانية العمومية التونسية لسنة 2023 والتي لم تتمكن رئيسة الحكومة السابقة من إيجاد حلول له. بل تحول الوضع إلى مهمة شبه مستحيلة في ظل تضارب المقاربة بين الحكومة ورئاسة الجمهورية. ففي حين ترى نجلاء بودن ووزيرها للاقتصاد أن لا حل للمعضلة دون التعامل مع شروط صندوق النقد الدولي، كان قيس سعيد شديد التهجم على المؤسسة المالية الدولية وكرر رفضه لما يسمى بإملاءاتها.
لكن إن كان التغيير منتظرا فإن تعيين أحمد حشاني، كان مفاجئا. إذ لا يعرف للشخص أي نشاط معلن في الشأن العام ولم يكن من الوجوه الحاضرة في الإعلام. فعدى أنه موظف سابق بالبنك المركزي التونسي، لا يعرف له أي مسار مهني كبير في مناصب قيادية. وقد دفع ذلك بالبعض للحديث عن حرص الرئيس على تعيين شخصية طيعة غير قادرة على مخالفة توجهاته.
في نفس الوقت طرح تغيير رئيس الحكومة أسئلة محرجة على المستوى الدستوري وربما كشف عن ثغرات في الدستور الذي وضعه قيس سعيد. فهذا النص يبقى صامتا من حيث تبعات تغيير رئاسة الحكومة، هل تؤدي إلى سقوط الحكومة ككل، كما هو متعارف عليه في الأعراف أم لا؟ لذلك قد يؤدي تعيين رئيس الحكومة الجديد في تونس إلى تفاقم الإشكالات عوض حلها.