ينطبق تعبير " النزاع المجمد" على توصيف الوضع بين صربيا وكوسوفو منذ صراعات وحروب البلقان في العقد الاخير من القرن الماضي. وكان اقليم كوسوفو الذي يمثل الألبان أغلبية سكانه قد انفصل عن صربيا عام 1999 وأعلن استقلاله عنها عام 2008، ولا تزال صربيا تعتبر كوسوفو جزءاً من أراضيها وتدعم أقلية صربية فيها.
بالرغم من تواجد قوات حلف شمال الاطلسي و عدم الاعتراف الدولي بكوسوفو، بقيت المشاكل هامدة وتعود منذ فترة الى اخرى خصوصا بسبب الاشكالات مع الاقلية الصربية الموجودة في شمال كوسوفو، ولان القوميين الصرب يعتبرون كوسوفو موئل قوميتهم ولا يتصورون امكان التنازل عنها .
وأنت الجولة الاخيرة من الاشتباكات اواخر الاسبوع الماضي شمال كوسوفو ذا الأغلبية الصربية بعد أن تولى رؤساء البلديات من أصل ألباني مناصبهم . علماً ان الصرب في شمال البلاد يرفضون الاعتراف بسيادة بريشتينا ويتبعون بدلاً من ذلك سياسة بلغراد.
ادت الاشتباكات الى جرح تسعين شخصا من الجانبين على مدى يومين ، واصابة ثلاثين جندياً من قوات حلف شمال الاطلسي. ومن اجل تفادي الأسوأ ، قرر الناتو إرسال سبعمائة جندي إضافي من قوات حفظ السلام إلى شمال كوسوفو وإلغاء تدريبات Defender 2023 الجارية مع تصاعد التوترات بين بلغراد وبريشتينا.
وفي ردود الفعل الدولية ، أعربت الصين وروسيا عن دعمهما لصربيا ، في حين كررت بروكسل وواشنطن الدعوات لوقف التصعيد وممارسة ضغط منتظم ، لان القوى الغربية تخشى من استغلال موسكو للوضع من أجل فتح جبهة جديدة في البلقان وتخفيف الضغط عليها على جبهة اوكرانيا
وكان من اللافت خروج السفير الاميركي المعتمد لدى كوسوفو عن التقاليد الدبلوماسية ، وتصريحه الاتهامي المباشر ضد رئيس وزراء كوسوفو ، ألبين كورتي ، بتحمل المسؤولية عن الحوادث وتجنب الوفاء بالتزاماته، حتى أنه أعلن عن عقوبة رمزية ضد كوسوفو ، تحرمها من المشاركة في مناورات الناتو. وهذه هي المرة الأولى التي تهاجم فيها الولايات المتحدة كوسوفو علنًا. وعلى خط مشابه ، قامت فرنسا والمانيا بضغوط على كوسوفو لمنع تطور الاشتباكات وتوسع النزاع. من اجل تطويق الازمة عمل الجانب الاوروبي خلال قمة المجموعة الاوروبية في مولدوفا على احتواء الموقف والتركيز على بدء حوار بين صربيا وكوسوفو . مما لا شك فيه ان الدور الروسي المحتمل يخيف الاوروبيين وان ذاكرة البلقان من الحرب العالمية الاولى الى حرب تسعينيات القرن الماضي لا تبشر بالخير.