القلق السوي (خارجي المنشأ Exogenous Anxiety): وهو رد فعل طبيعي على تهديدات أو ضغوط خارجية واضحة، ويزول بزوال السبب.
مرض القلق (داخلي المنشأ Endogenous Anxiety): وهو اضطراب يدهم المصاب فجأة دون سبب وجيه أو إنذار، وقد يؤدي إلى عجز بالغ. يُعتبر هذا النوع مرضاً له أساس بيولوجي جوهري.
يقدم الكتاب نموذجاً متكاملاً لفهم مرض القلق يعتمد على تفاعل ثلاث قوى رئيسية:
القوة البيولوجية: يعتبرها القوة المركزية والمحورية للمرض، مشيراً إلى وجود اضطراب كيميائي حيوي أو وراثي المنشأ، مستدلاً بدراسات حول الاستعداد الوراثي، وسقوط الصمام الميترالي، وتأثير مواد معينة مثل اللاكتات على إثارة النوبات، والتشوهات المحددة في الدماغ التي تظهر في فحوصات التصوير.
التعلم الشرطي: يشرح كيف يمكن للمواقف أو حتى الأحاسيس الجسدية (مثل سرعة القلب) أن ترتبط بنوبات الهلع وتصبح محفزات للقلق والخوف، مما يؤدي إلى ظهور المخاوف المرضية (الفوبيا) وتجنبها. ويصف ظواهر مثل "تعميم المنبه" (الأثر التموجي) التي تفسر انتشار المخاوف.
الضغط: يؤكد أن ضغوط البيئة ليست السبب الرئيسي للمرض، بل هي عوامل تفاقمية تزيد من شدته وتؤخر الشفاء، مثلما تؤثر على أمراض أخرى.
يصف الكتاب سبع مراحل لمرض القلق يمر بها المصابون، مشدداً على أن هذه المراحل هي جزء من عملية واحدة وليست اضطرابات منفصلة:
النوبات: أعراض جسدية مفاجئة وغير مبررة (مثل الدوخة، الخفقان، صعوبة التنفس) قد تحدث دون قلق نفسي مصاحب.
الـهـلع: نوبات فزع شديدة وشاملة، أكثر رعباً وقد تشمل شعوراً بفقدان السيطرة أو الجنون.
توهم المرض: انشغال قهري بالصحة والخوف من الإصابة بأمراض خطيرة، مما يدفع المريض لزيارة العديد من الأطباء وإجراء فحوصات متكررة.
المخاوف المرضية المحدودة (الفوبيا): تطور مخاوف محددة تجاه مواقف معينة حدثت فيها نوبات الهلع.
المخاوف المرضية الاجتماعية: تجنب المواقف الاجتماعية خوفاً من الملاحظة أو الإحراج.
التجنب الشامل (أجورافوبيا): الخوف من الأماكن المزدحمة أو المفتوحة، وتجنب الابتعاد عن المنزل أو مناطق الأمان، مما يؤدي إلى عزلة شديدة. "رهاب الخوف" (Phobophobia) من نوبات الهلع المستقبلية هو الخوف الأساسي هنا.
الاكتئاب: مضاعفة شائعة تحدث بسبب العجز المزمن وفقدان الأمل، وتختلف عن الاكتئاب البيولوجي.
كما يوضح الكتاب مضاعفات أخرى قد تصيب المريض، مثل اضطرابات النوم (أرق أو فرط نوم)، القلق الجنسي، تغيرات الشهية (فقدان أو زيادة الوزن)، والإدمان على الكحول أو العقاقير كوسيلة للتعامل مع الأعراض. أما العلاج، فيستهدف أربع نقاط رئيسية:
الهدف البيولوجي: السيطرة على الأساس الأيضي للمرض باستخدام الأدوية (مثل مثبطات MAO، مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، ألبرازولام).
الهدف السلوكي (الفوبيا): التغلب على المخاوف المرضية باستخدام العلاج السلوكي، خاصةً علاج التعريض أو المواجهة المباشرة في الحياة الواقعية، ويكون أكثر فاعلية بعد السيطرة على النوبات بالأدوية.
الهدف النفسي (الضغوط): التعامل مع الضغوط والصراعات النفسية الاجتماعية من خلال العلاج النفسي القائم على الاستماع، توضيح المشكلة، وتأييد التغييرات اللازمة.
الرعاية على المدى الطويل: منع الانتكاسات من خلال تثقيف المريض والعائلة، والمتابعة المستمرة للتحسن والآثار الجانبية، مع نظرة واقعية لكون المرض قد يتطلب إدارة طويلة الأمد.
ينتهي الكتاب بوصف أطوار التعافي التي يمر بها المريض: الشك، ثم السيطرة، ثم الاستقلال، وأخيراً إعادة التكيف، مؤكداً على أهمية الصبر والدعم المستمر من العائلة والأصدقاء. كما يعبر عن تفاؤل كبير بمستقبل علاج مرض القلق بفضل التطورات العلمية المستمرة.