يحكي قصة الملك النعمان بن حسان. كان الملك النعمان ملكًا عظيمًا وثريًا، لكنه لم يكن سعيدًا أو مرتاح البال لأنه كان يبحث عن "الشيء الغريب" الذي لا يوجد إلا في بلاد الأسرار (المعروفة أيضًا ببلاد العجائب). للحصول على هذا الشيء، أرسل الملك النعمان ضابطًا إلى ساحر الجبل، الذي كان يُعتقد أنه يعرف كل شيء. الساحر كشف أن "السر الغريب" هو الحصان الطيار، وهو حصان له جناحان ويطير في الفضاء. وأخبر الساحر الضابط أن الوصول إليه مستحيل بسبب صعوبة الطريق وكثرة الأسرار في تلك البلاد. غضب الملك النعمان من هذا الرد وأمر قائده بتجهيز جيش مكون من مائة جندي ومائة ضابط لإحضار الحصان. سار الجنود في الصحراء الشاسعة، وواجهوا مخاطر عديدة مثل العواصف الرملية، والحيوانات المفترسة، والسراب، ومات الكثير منهم من التعب والعطش. بعد فشل هذه المحاولة، أرسل الملك النعمان حملة ثانية بقيادة قائده الخاص مع مائتين وخمسين جنديًا. واجهوا التماسيح في نهر كبير، ولم ينجُ منهم إلا عشرون جنديًا فقط. قرر الملك النعمان الذهاب بنفسه. ذهب إلى ساحر الجبل الذي أخبره أنه جاء لمساعدته، لكنه وبخه على طمعه وتسببه في هلاك جنوده. قال له الساحر إن أرواح الجنود أمانة في رقبته، وإن "لا فائدة في الطمع". الملك النعمان، ورغم كلام الساحر، استمر في طمعه وجمع جنودًا آخرين وانطلق نحو بلاد الأسرار. واجهوا نفس الأخطار، وهلك معظم الجيش، حتى أصبح الملك النعمان وحيدًا. بعد مشقة وعناء شديدين، وصل الملك النعمان إلى قمة الجبل الأخير، وهناك رأى واديًا أخضر رائع الجمال، بدا وكأنه قطعة من الجنة. نام الملك من شدة التعب، وعندما استيقظ وجد أميرة الوادي الأخضر الحسناء وإلى جوارها الحصان الأبيض ذو الجناحين. عرف الملك بنفسه كملك عظيم، لكن الأميرة سخرت منه ووبخته على كلامه ولباسه القديم. سألها الملك النعمان عن الحصان، وكشف أنه جاء ليأخذ الحصان الجميل. استنكرت الأميرة طمعه واستغربت كيف يطمع في شيء ليس ملكه. وأخبرته أن الحصان هو صديقها الوحيد. حاول الملك النعمان أخذ الحصان بالقوة، لكن الأميرة دفعته. فركب الملك الحصان وطار به في السماء، وعاد إلى بلاده. عندما وصل، لم يتعرف عليه الناس في البداية بسبب ملابسه القديمة وطول غيابه، وظنوا أنه مات. بل سخروا منه ووصفوه بـ "الرجل المجنون". وعندما وصل إلى قصره، منعه الحراس، ولم يصدقوا أنه الملك. سمع الملك النعمان من شعبه أنهم يعتبرونه ملكًا فاسدًا وطماعًا، وأنه تسبب في احتلال بلادهم بسبب طمعه وإهماله لهم. شعر الملك بالحزن الشديد والندم، وتذكر كلام الأميرة والساحر عن أن لا فائدة في الطمع وأن الله استجاب دعاء المظلوم. قرر الملك النعمان أن يعيد الحصان إلى الأميرة ويطلب منها المغفرة. عاد إلى الوادي الأخضر. فرحت الأميرة بعودة حصانها وشكرت الله. اعتذر الملك النعمان للأميرة واعترف بأخطائه. نصحته الأميرة بأن "لا يفقد الإنسان كل شيء في الماضي"، وأن يعود إلى بلاده ليصلح أخطاءه ويجمع جيشًا لطرد الأعداء واستعادة استقلال وطنه. شكر الملك النعمان الأميرة، وطلب منها أن تعود معه وتتزوجه لتصبح ملكة البلاد، فوافقت الأميرة التي كان اسمها غرة. ودعت الأميرة غرة أصدقاءها من الزهور والأشجار والطيور في الوادي الأخضر. ركب الملك النعمان الحصان الطيار مع الأميرة غرة وطاروا إلى بلاد النعمان. عاشا في سعادة وأمان في بيت جميل بحديقة واسعة. وبعد عدة سنوات، رزقا بطفل جميل اسمه أسامة، الذي كان يحلم بركوب الحصان الطيار الجميل.