حفلت ردود الفعل على صعود اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي بالكثير من المخاوف المستقبلية.
ومن الواضح أن شريحة من الناخبين تقارب الثلاثين في المئة أقل أو أكثر هزت حكومات الاتحاد الأوروبي، وطرحت عليها تحديات قديمة جديدة، يتعلق أهمها بمستقبل الاتحاد نفسه، وبتماسك السياسات التي يتخذها أعضاؤه، خصوصا بالنسبة إلى الحد من الهجرة غير الشرعية أو القوانين البيئية ومتطلبات الانتقال نحو الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.
لكن ما دفع بهذا الميل إلى أحزاب اليمين المتطرف كان في الأساس توجيه إنذارات إلى الحكومات القائمة، وهي تنتمي عموما إلى اليمين التقليدي بسبب فشلها في معالجة الأزمات الاقتصادية التي تمثلت في الأعوام الأخيرة بارتفاع كلفة المعيشة، معطوفا على تكاليف مستجدة فرضتها الحرب المستمرة في أوكرانيا بضغط على الميزانيات الوطنية وموجبات التعامل مع أزمة المناخ التي انعكست على المزارعين والصناعيين بشكل خاص.
وقد استغلت أحزاب اليمين المتطرف مخرجات السياسات هذه، وربطتها دائما بمشكلة الهجرة وشحذ شعبوي للمشاعر القومية التي قاربت أحيانا كثيرة ظواهر العنصرية، وركزت خصوصا على استعداء الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن الأقليات المتمثلة بالجاليات المهاجرين بدأت منذ الأحد الماضي تتحسب لما هو ات مع اليمين المتطرف، فإن فئات أخرى مثل اليهود استذكرت مناخات الثلاثينات والأربعينات القرن الماضي، واعتبرت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي نقطة تحول محبطة، وفقا لبيان لجنة أوشفيتز الدولية.
كما أن منظمات مدنية تعاطفت مع القضية الفلسطينية على خلفية حرب غزة، تدرس حاليا مدى تأثير المد اليميني القومي على استعدادات دول أوروبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
غير أن الأمر لا يتوقف فقط على الأقليات، فالمجتمعات الأوروبية التي تتموقع عموما في الوسط يمينا أو يسارا، تنظر بقلق إلى موجة التطرف وما تحمله من مخاطر على الحريات، ومن ضغوط لتغيير الأنظمة الليبرالية ونزعات للخروج من الاتحاد الأوروبي.
هذه المخاوف هي التي دفعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حل البرلمان، في محاولة لاستباق أي تغيير يمكن أن يفرضه اليمين المتطرف، تحديدا على صعيد المفاهيم الكبرى للجمهورية، أو بالنسبة إلى التزام أوروبا بدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي.