استمرت حركة احتجاج المزارعين والفلاحين ستة عشر يومًا تخللتها المظاهرات وإقامة حواجز على الطرق عبر الجرارات وغيرها. لكن تعهدات رئيس الحكومة الفرنسية غبريال أتال والمعززة بموقف الرئيس ايمانويل ماكرون في القمة الأوروبية، نجحت في احتواء غضب المزارعين وإرضاء النقابة الممثلة للأغلبية، وأتى ذلك قبل ثلاثة أسابيع من المعرض الزراعي، وهو مكان اللقاء السنوي لقطاع الزراعة في باريس.
تفاقم الوضع في الأيام الأخيرة مع تهديد المزارعين بحصار باريس ووصولهم مع زملائهم الأوروبيين أمام مقرات الاتحاد الأوروبي في بروكسيل. ومن بين المطالب المتعددة التي نادى بها المزارعون التبسيط الإداري، وعدم فرض حظر جديد على المبيدات الحشرية، ووضع حد للزيادات في أسعار الديزل للجرارات، والتعويض بشكل أسرع بعد الكوارث أو حتى التطبيق الكامل لقانون "إيغاليم" الذي من المفترض أن يجبر المصنّعين ومحال السوبر ماركت على دفع سلع المزارعين بشكل أفضل.
في مواجهة مخاطر انزلاق الاحتجاجات والتصعيد، أتت المداخلة الثالثة لرئيس الحكومة في أقل من أسبوع، أعلن غبريال أتال وقفا لتخفيض المبيدات في الزراعات، في موازاة تخفيض وزارة المالية للضرائب والرسوم على المزارعين، وإحكام الرقابة وسيطرة الضرائب على سلاسل التوزيع في المتاجر الكبرى. ويبدو أن هذه الاجراءات أقنعت المزارعين الشباب ونقابة المزارعين الأساسية في تعليق التحرك ودعوة المحتجين للعودة إلى مزارعهم وأعمالهم.
ومما لا شك فيه أن المساعدات التي قدمتها الحكومة الفرنسية ( حوالي ٤٠٠ مليون يورو بينها ١٥٠ مليون يورو لقطاع تربية المواشي بالإضافة إلى تخفيض رسوم انتقال الملكية)، والتنازلات التي قدمتها المفوضية الأوروبية - بشأن الأراضي البور والواردات الأوكرانية - وجدت استحسانًا نسبيا في إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، حيث تستمر احتجاجات المزارعين.
في نفس السياق، أثار تعليق خطة إيكوفيتو البيئية ( مبيدات الحشرات) التي أعلنها رئيس الوزراء غابرييل أتال يوم الخميس لتهدئة غضب المزارعين، مجموعة من الانتقادات من أنصار الدفاع عن البيئة وأحزاب الخضر والمنظمات البيئية غير الحكومية.
لكن التوجه الرسمي حسبما شرحت المتحدثة باسم الحكومة على وجوب الابتعاد عن " الإجراءات البيئية العقابية " بحق المزارعين والتي لم تثمر منذ ٢٠٠٩ واستبدالها باجراءات تواكبها الحلول، حتى لا يستمر المزارع في دفع ثمن التوفيق بين الانتاج والدفاع عن البيئة وحتى لا يتضرر القطاع الزراعي ويتراجع. ومن الواضح أن الحكومة ترددت في مجابهة مفتوحة مع قطاع له ثقله الانتخابي والاجتماعي والاقتصادي، وحتى لا تتكرر الاحتجاجات كما مع السترات الصفراء والمتقاعدين.