رواية الأبله
فيودور دوستويفسكي
تتحدث عن الأمير مشكين _و هو أمير لأنه ينحدر من عائلة نبيلة، بيد أنه فقير لا يملك شروى نقير_ بسيط طيب القلب جميل الروح و شفيف، مثالي حد السذاجة لا يعرف النفاق و الكذب و الخداع و لا تعنيه المادة، سمح دمث لطيف المعشر... و هذا ما جعله أبلها بحسب تعريف المجتمع.. دوستويفسكي يحق لنا تسميته "رائد" فن الرواية بمفهومها الشامل، تمكّن من خلال رواياته الولوج لعمق النفس الإنسانية عبر إدراك تفاعلاتها تجاه التأثيرات العاطفية .
يعتبر دوستويفسكي واحداً من أعظم كتّاب الرواية، فأعماله تتميز بقدرة على السرد تشدّ القارئ، وتعبيرها القوي عن دواخل النفس الإنسانية، وقد عبّر عن ذلك في عناوين رواياته التي تصف الإنسان في شتى مواقفه وتصرّفاته: المقامر - المراهق - مذلّون مهانون - الجريمة والعقاب - الأبله...
رواية "الأبله" واحدة من أكثر النماذج تعبيراً عن قدرة دوستويفسكي على النظر في دواخل النفس الإنسانية فهذا "الأبله" هو أمير، من سلالة أمراء معروفة في تاريخ روسيا، لكن شخصيته ومسار حياته لا يشبهان أبداً أولئك الأمراء الذين يأمرون فيُطاعون. بل هو شخص طيّب بسيط، يمكن استدرار عاطفته والتأثير عليه بمجرّد إبداء الرقة أو التعبير عن الحاجة او الحزن أو الأسى... ولذلك يبدو "أبله" في نظر المجتمع.
"لماذا تخلق الطبيعة أفضل الناس لتسخّرَ منهم بعد ذلك؟...
أنا لم أفسد أحداً..لقد أردت أن أحيا لسعادة الناس جميعهم.. لإكتشاف الحقيقة ونشرها..
ماذا كانت النتيجة؟ لا شيء! كانت النتيجة أنكم تحتقرونني، هذا دليل على أنني أحمق".
بهذه العبارات يتحدّث الأمير ميشكين عن نفسه، تلك النفس التي تبدو ضعيفة أما جبروت البشر، بلهاء أمام المكر، بسيطة أمام التفاخر، غيبة أمام الرياء، هشّة امام الظلم. ورائعة وقويّة وقادرة إزاء مشاعر الخير والحبّ والصداقة.
"الأبله" واحد من نماذج دوستويفسكي الإنسانية العظيمة.