في صيف عام 1929، وجد نوح نفسه جالسًا في إحدى المقاهي المُطلة على شواطئ الإسكندرية بعد احتفالات الافتتاح الرسمي لأستاد الإسكندرية، وكان هذا الحدث الجلل يلوح في الأفق بعد الفرحة العامة. كان يشتكي لصديقه الوحيد حسن من حياته المملة، وكان يبوح بضيقه النفسي الناجم عن الحالة المالية الصعبة والوحدة التي ترافقت مع قلة الفرص الزواجية. نوح كان يتطلع إلى مستقبل مشرق ومغامرة جديدة.
كان نوح في سن الـ25 وكان يعيش بمفرده بعد وفاة والديه اللذين تركوه وحيدًا في مصر. لم يكن لديه أي أقارب قريبين في تلك البلاد، سوى صديقه الوحيد حسن، الذي كان يقف بجانبه في أوقات الشدة والضيق.
نوح كان روحًا انفتاحية ومتعلمًا، وكان يسعى لاكتشاف كل شيء حوله. كان هذا الاهتمام بالتعلم يجعله يشعر بتشتت ذهني، حيث كان يجرب مختلف المجالات والأفكار في سعيه للعثور على هدفه ومعناه في الحياة.
حسن، الصديق المخلص الذي كان يفهم معاناة نوح، بعد التمعن في ما يقوله له نوح، قدم فكرة مثيرة ومغامرة. أخبره عن صديق له الذي كان يعمل على مركب بحري، يسافر إلى بلدان مختلفة ويعيش حياة مليئة بالمغامرات. أخبر نوح أنه يمكنه أن يتحدث مع صديقه وينظم له فرصة للعمل على المركب. سيتاح له الفرصة لمشاركة في رحلات بحرية مثيرة لاستكشاف العالم والتعرف على ثقافات مختلفة.
هذا الاقتراح المثير قد أشعل شرارة الأمل في قلب نوح وأعطاه فرصة لتحقيق أحلامه والهروب من حياته المملة والوحدة.
.
فأجاب نوح بفضول متزايد وقال: "أي بلاد يمكن أن نذهب إليها؟"
أجاب حسن بابتسامة دافئة: "يا عزيزي، العالم كبير جدًا ورحلتك مفتوحة. ممكن نصل إلى روسيا أو أي بلد آخر. ربما تجد فرصًا رائعة للعمل ومغامرات لا تُنسى. ربما تجد ما تبحث عنه يا صديقي."
كانت هذه الكلمات تمثل لنوح شعاعًا من الأمل والفرصة الجديدة. فعلًا، كان يعرف أن هذه الفرصة قد تغير حياته تمامًا وتمنحه الفرصة لاستكشاف عالم جديد ونسيان وحدته ومشاكل حياته. تفتح هذه الفرصة باب الفضول والتشويق أمامه، وبالفعل، كان قراره واضحًا بأنه سيبدأ رحلة مغامرة جديدة ومثيرة..