عاد استخدام سلاح الغذاء ليزيد من احتدام تجاذبات الصراع الروسي - الأوكراني، وذلك على خلفية تعليق موسكو اتفاق تصدير الحبوب عن طريق البحر.
استندت روسيا في قرارها الى العقوبات الغربية ولذا طالبت بانهاء العقبات التي تزعم انها تعيق صادرات الحبوب والأسمدة الروسية التي تقول ان مئتي ألف طن منها محتجزة في موانئ الاتحاد الأوروبي.
وكان لافتاً تركيز روسيا لتبرير تعليق الاتفاق على " عدم تصدير الحبوب الاوكرانية نحو البلدان النامية والمحتاجة" ، لكن احصاءات موثوقة تشير الى ان ٦٥ ٪ من هذه الحبوب ذهبت إلى البلدان النامية ، و ٢٠٪ ذهبت مباشرة إلى البلدان الأقل نمواً. علاوة على ذلك ، أدى إخراج أوكرانيا ، التي تعد واحدة من أهم سلال الخبز في العالم ، من السوق ، الى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية.
سمح اتفاق الحبوب خلال عام بتصدير ٣٣ مليون طن من الحبوب من أوكرانيا عبر البحر الأسود، الى ٥٠ دولة، بعضُها فى أمس الحاجة إليها. وكان إبرام هذا الاتفاق ضروريًا للحد من اضطراب سلاسل توريد الحبوب، إذ تُمثل أوكرانيا نحو ١٠ ٪ من سوق القمح، ١٥ % من سوق الذرة، و ١٣ % من سوق الشعير، فى العالم. واذا راجعنا آخر تقارير برنامج الغذاء العالمى، نفهم اهمية اتفاق الحبوب لان 345 مليون شخص فى أنحاء العالم، مهددون ان يصبحوا على حافة الجوع.
ازاء هذه الخطورة اتهمت فرنسا روسيا بتعريض الأمن الغذائى العالمى للخطر "عمدا" من خلال الهجمات التى تستهدف البنية التحتية الضرورية لصادرات الحبوب، وهذا في اطار حرب المرافىء بين الجانبين .
في مواجهة الانتقادات سعت روسيا خلال قمة روسيا - افريقيا في سانت بطرسبرغ يومي ٢٧ و ٢٨ يوليو، تقديم نفسها بمثابة المساعد للقارة السمراء عبر قرار تقديم هبات من الحبوب الى ست دول افريقية . بيد ان جنوب افريقيا ، الدولة التي لها صلات خاصة مع روسيا، اعتبرت ان " الوعود الروسية بتبرعات الحبوب لا تشكل حلاً طويل الأمد، وانه لا بد من التفاوض لاستئناف اتفاق الحبوب".
نظراً لارتفاع اسعار الحبوب في السوق العالمية بمعدل مرتين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، نستنتج ان المحتاجين إلى الحبوب بأسعارٍ معقولة، يعدون فى مقدمة ضحايا الحرب.
اذا كان ممكنًا تجنب توسيع نطاق النزاع حتى لا يغدو حربًا عالمية ثالثة، فلا يمكن تفادى عولمة آثار الحرب الاقتصادية عمومًا، وتداعياتها على سوق الغذاء فى العالم والخشية من حرب تجويع عالمية على المكشوف.