علم مؤخراً أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز قام برحلة سرية إلى أوكرانيا الشهر الماضي، وقد كشف خلالها قادة أوكرانيون عن خطة لإنهاء الحرب حوالي نهاية هذا العام بعد تحقيق انجازات ميدانية تدفع بالجانب الروسي لقبول التفاوض. وحدث هذا التشاور الامني - السياسي في وقت احتدم فيه الجدل حيال عدم تمكن الهجوم الاوكراني المضاد من تحقيق الانجازات المرجوة ، وقبل فترة وجيزة من تمرد فاغنر والشكوك حول حصوله على دعم اوكراني او غربي .
شهد شهر حزيران / يونيو المنصرم تطورات هامة في العمليات العسكرية في أوكرانيا، وداخل روسيا بالذات . بعد الكثير من التردد والتضليل المقصود انطلق الهجوم الاوكراني المضاد بتباطؤ وعبر هجمات محدودة على خط الجبهة الكبير ، ومن دون شك أتى الانهيار في سد كاخوفكا الخاضع للسيطرة الروسية في جنوب أوكرانيا ليكشف عن بعض تفاصيل الهجوم المضاد وعن سقوط كتيبة اوكرانية في حقل الغام روسي مع تمكن القوات الروسية من تدمير العديد من الدبابات والمركبات الغربية . وهكذا تبين ان الهجوم من دون تغطية جوية ليس مؤهلا لتحقيق نجاحات كبيرة ، ولم يتمكن الاوكرانيون الا من تحقيق اختراقات محدودة ، وهم يعولون في الاسابيع والاشهر القادمة على انهيار تحصينات روسية والتمكن من القيام بانجاز استرجاع خرسون الاستراتيجية في اواخر اغسطس الماضي .
أياً كانت السيناريوهات والخلاصات ، لا يبدو المكسب السريع متوفراً لاي طرف في حرب استنزاف شرسة
وهذه الدوامة العسكرية للطرفين وحجم الخسائر ، اسهما بزعزعة الوضع الروسي كما كشف عن ذلك المناكفات منذ عدة اشهر بين زعيم شركة فاغنر والقيادة العسكرية الروسية . وفي وقت كانت تعاني كييف فيه من مراوحة هجومها مكانه، اتى تمرد فاغنر ليهدد كل الانجازات الروسية لأن هذه القوات الخاصة شكلت ركيزة الجهد العسكري الروسي في الحرب . واللافت أن بريغوجن سبق أفعاله بإدانة لاذعة لمنطق الكرملين بشأن غزو أوكرانيا وإدارة القيادة العسكرية الروسية للحرب
اضطر القيصر الروسي الجديد فلاديمير بوتين للابتعاد عن طريقته في الامساك بالبيت الداخلي عبر معالجة دبلوماسية لتمرد فاغنر من اجل تفادي الحرب الاهلية التي تذكر بحرب ١٩١٧ التدميرية التي انهكت روسيا حينها . وكانت الحصيلة بروز تصدع في البنية الروسية بسبب التأثير المدمر للمغامرة الاوكرانية على مجتمع روسيا ونظامها
ربما مع متاعب الهجوم الاوكراني المضاد وتداعيات تمرد فاغنر ، يمكننا الكلام عن تعب المتحاربين وربما يفتح ذلك على الاقل باب تجميد العمليات العسكرية لان بوتين لن يتخلى على الارجح عن قرار السيطرة على اوكرانيا