هل بدأ الهجوم الاوكراني المضاد الذي تعد له كييف منذ أشهر ، أم اخذنا نشهد ارهاصاته ؟ من الصعب إعطاء جواب حاسم لان روايات الطرفين متناقضة ، وربما تختلط بالحرب الدعائية او الحرب النفسية في مواجهة اشهر فيها كل الاسلحة .
بينما يؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في التاسع من يونيو ، أن الهجوم المضاد بدأ فعلاً على الجبهة، لكن قوات كييف لم تتمكن من "تحقيق أهدافها"، يقول أوليكسي دانيلوف، أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أن قوات بلاده لم تبدأ بعد هجومها المضاد لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا، مؤكداً أن بداية الهجوم ستكون واضحة للجميع، وان ما يجري كان عبارة عن سلسلة هجمات واختراقات لا اكثر .
أياً كانت حقيقة الوضع ، تشهد العمليات منعطفاً جديدا بعد سقوط باخموت بيد مجموعة فاغنر الروسية ، وبعد محاولة اختراق المتمردين الروس المدعومين من اوكرانيا مقاطعة بيلغورود الروسية، وبلغ التصعيد أوجه مع التدمير الجزئي لسد نوفا كاخوفكا الذي يعد أكبر خزان مياه على نهر دنيبرو ويحمي الأمن المائي والغذائي والطاقوي لجنوب خيرسون وشبه جزيرة القرم.
تبادل الروس والأوكرانيون تهم تفجير هذا السد الاستراتيجي، الذي بإمكانه التأثير على مجريات الحرب. والمربك في محاولة تحديد الجهة المتورطة، أو على الأقل التي لها مصلحة في تفجير السد أن كلا من الروس والأوكرانيين متضررون بدرجات متفاوتة من الانهيار "الجزئي" للسد، وفي نفس الوقت لهم مصلحة ما في استهدافه. خلال شهور الحرب استهدف الطرفان بشكل أو بآخر السد بشكل محدود، ليس بهدف تدميره، وإنما سعيا لمنع الطرف الآخر من استغلاله.
وحسب خبير عسكري أوروبي متابع للملف، يبدو أن رواية الجانب الروسي اقرب الى الصواب، وان الهجوم الرئيسي انطلق بالفعل يوم الثلاثاء 6 يونيو ، يوم الذكرى 79 لإنزال النورماندي . وربما يكون تفجير سد كاخوفكا من قبل الروس في بداية الليل رد فعل على حركة قوية للغاية. وقد جمد الفيضان أي احتمال لشن هجوم في منطقة واسعة ، مما سمح للروس بتحييد 200 كيلومتر من الجبهة وبالتالي استعادة الوحدات العسكرية المتمركزة جنوب النهر واستخدامها على الفور. وحسب اخر الاخبار من مصادر متقاطعة تكبدت القوات الاوكرانية خسائر كبيرة في هجماتها الأولى على ستة محاور على الأقل في الشمال والغرب والجنوب في مساعيها لاختراق الخطوط الروسية
يدلل كل ذلك على تعقيد الموقف وصعوبة تحقيق انجازات كبيرة في حرب يسيطر عليها طابع الاستنزاف ، ويمكن لذلك على مدى متوسط ان يدفع لتجميد النزاع وبدء التفاوض