يا عبد الله: مهما بلغت ذنوبك وخطاياك ومهما فاضت أوزارك ومعاصيك، ومهما فعلت وخطيت وجنيت، فإنك إن تبت تاب الله عليك، وإن استغفرت غفر الله لك، يروي أنس بن مالك أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال الله -تبارك وتعالى-: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة" (الترمذي).
فلا تجعل الشيطان يحبسك في سجن ذنبك، ويُيئِّسك من مغفرة ربك كي لا تتوب وتستغفر، كلا بل أقبل؛ فـ(إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) [النجم:32]، هو -عز وجل- قد ناداك: لا تقنط ولا تيأس، قائلًا لي ولك: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53].
وإنك إن ندمت وقدمت إلى الله مستغفرًا متنصلًا، قَبِلك وأواك وغفر لك، فقد غفر لمن هم أعظم ذنبًا منك، فقد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله! ومن زعم أن المسيح هو ابن الله! ومن زعم أن عزيرًا ابن الله! ومن زعم أن الله فقير! ومن زعم أن يد الله مغلولة! ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة! فقال لهم جميعًا: (أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة:74].