يقول ابن القيم عن الشكور -سبحانه وتعالى-: "فهو أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو الشكور على الحقيقة؛ فإنه يعطي العبد ويوفقه لما يشكره عليه، ويشكر القليل من العمل والعطاء فلا يستقله أن يشكره، ويشكر الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف مضاعفة، ويشكر عبده بقوله بأن يثنى عليه بين ملائكته وفى ملأه الأعلى ويلقى له الشكر بين عباده، ويشكره بفعله؛ فإذا ترك له شيئًا أعطاه أفضل منه، وإذا بذل له شيئًا رده عليه أضعافًا مضاعفة، وهو الذى وفقه للترك والبذل وشكره على هذا وذاك" (عدة الصابرين)، ويقول في النونية:
وهو الشكور فلن يضيع سعيهم *** لكــــن يــضــاعــفــه بـــلا حــــســـــبــان
ما للـــعبــــاد عــــلــيــه حـــــق واجـــب *** هو أوجب الأجر العظيم الشأن
كــــلا ولا عــــمـــل لــديــه ضــــائـــع *** إن كان بالإخلاص والإحسـان
إن عـــذبـوا فــبــعـدلـه أو نـعــمـوا *** فبفـضـلــه والـحـمــد للمنــان
والشكور صيغة مبالغة من الشاكر؛ فإن كان معنى الشاكر: الذي يجازي العباد على أعمالهم ويزيدهم من فضله، فإن معنى الشكور: الكثير الشكر لعباده، الذي يجزي بالقليل كثيرًا وبالزهيد عظيمًا.